Hot

الأحد، 9 فبراير 2014

الانقلاب و الانتخاب – هل من ضمان كي لا ينقض "الحوار" الاختيار ؟


الحمدلله
لن يفوت المتتبع للشأن التونسي ان يسجل هذه الايام عودة الاهتمام الدولي بما يجري ببلادنا من احداث ارتفعت اسهمها في البورصة الدولية كما لم يحصل سابقا حتى خلال احداث الثورة٬ فتوالت رسائل التهنئة بانجازات الدستور الجديد في مجال الحقوق و الحريات و عبارات التبريك بحكومة الكفاءة و الحياد ٬ فالكفاءة اضحت حاصلة قبل اختبارها و هي التي تضم عددا من الوزراء القادمين من وراء البحار لا يعلمون عن البلد إلا بقدر ما يلتقطونه من برامج الفضائيات اما معرفتهم بالوزارات فهو يضاهي علمهم بالغيب  و اما عن الحياد فإذا ما استثنى الولاء للنظام السابق على الاقل هو انه لم يعرف عنهم التزامهم بأي قضية او هم وطن .و شفع هذا المشهد بإشارات انفراج بعد رفع صندوق النقد الدولي عن جزء من قرض كان جمد في ظل الحكومة السابقة كما تخلت فجأة عدة ادوات اعلامية عن اسلوب التحقير و التحريض لتنتهج نهج التهدئة و حتى مدح الاطراف التي كانت وراء هذا الانعطاف المبشر بكل خير .
و ما يجري اليوم تسويقه ان ما تحقق انما كان بتخطيط و ارادة وطنية خالصة ٬ و هو عين المغالطة و الإفتراء٬ فالذي حصل في الواقع ان اطرافا محلية انخرطت في تنفيذ مخطط استهدف الثورة عبر اسقاط نتائج انتخابات 23 اكتوبر 2011 لا غير .
و كم بدت مثيرة للسخرية مساعي البعض لتوظيف "هذه الانجازات "او "الانتصارات" الوهمية بتأميمها لصالح زعيم حزب سياسي الذي حاز بذلك على انواط الحكمة و اوسمة الوطنية ٬ و مساعي البعض  الآخر الذي يجاهد نفسه لاقناع انصاره بان تسليمه للحكومة كان طوعيا و من منطلق العمل بقاعد التداول السلمي على السلطة !
ما حصل في الواقع كان انقلابا ناعما عل حكومة حركة النهضة التي جرى اسقاطها في سياق اقليمي  و دولي  سبق ان شهد الانقلاب على حكم الاخوان في مصر ٬  و بوسائل الاغتيال السياسي و الارهاب على الحدود الغربية للبلاد – والذي بقيت الجهة التي تقف ورائها غير معلومة الى حد الان – وصولا الى ضغط بعض السفراء الغربيين المباشر على عدة اطراف لجرها "للتحاور" .
و لا مناص لادراك حقيقة ماجرى التذكير بدور كل من الطرف الخارجي و الطرف الداخلي في هذا الانقلاب و التعرف على طبيعته ،و هو ما يؤدي بنا الى القول بان التاطير السياسي تعهد به الطرف الخاجي ، في حين لم يكن للطرف الداخلي من دور سوى التاطير التنظيمي-

§        التأطير السياسي للصراع 
لن نذيع سرا اذا قلنا بان الطرف الخارجي بادر بتأطير الصراع من الناحية السياسية و ذلك عبر الية التصنيف  فكيف الصراع على انه مواجهة بين قوى ديمقراطية من جهة و قوى اسلامية من جهة اخرى(1) و شخص الخطر في مرحلة ما بعد الانتخابات اقامة فاشية جديدة "باسم الاسلام "و هو ما يعد عائقا لبلوغ الانتخابات و قطع المرحلة الانتقالية بسلام.
هذا التاطير السياسي شكل اول خطوة لاسترجاع المبادرة من طرف القوى الغربية التي اصبح متاحا لها بعدئذ ادارة الصراع و توجيهه وفق رؤاها بما يخدم مصالحها و في ظل هذا التاطير  يصبح مسوغا للقوى الديمقراطية ان تطلب الدعم من الانظمة الديمقراطية الصديقة عبر ما تتوفر عليه من وسائل الضغط على الحكومة القائمة، وبذلك لم يبقى لقوى "المعارضة "الفاقدة لاي برنامج سياسي وطني سوى الانخراط في لعبة التاطير التنظيمي.
§       الحوار الوطني :الاطار التنظيمي للانقلاب الناعم
بعد محاولة الانقلاب بالقوة التي فشلت  محاكاة التجربة المصرية خلال صائفة 2013 لم تجد "المعارضة "بدا سوى الدعوة الى "الحوار الوطني "تنفيذ انقلاب ناعم لم يغب عنه تدخل بعض السفراء الغربيين الذين اصبحوا يتابعون بقلق نتائج الانقلاب العسكري بمصر
و مالوا بعدئذ الى تخير النهج "الوفاقي " باقناع النهضة بالتخلي عن الحكومة ، و هو ما اذعنت اليه دون تردد.
 فالحقيقة ان المسار لم يكن من وضع الفرقاء المحليين وانما كان باكراه ووصاية دولية.
و كم كانت سذاجة احد المشاركين "في اعتصام الرحيل "بباردو الذي صرح ان "الروز بالفاكية"(2)اتى بالحوار الوطني ! و هو ما يذكرني بالصبي الذي يركب لعبة تدور به حول ذاتها و هو يعتقد انه هو من يقودها !
§       الاعداد للانتخابات و الاستعداد لها
صرحت الحكومة الجديد في بيانها الذي تلته امام نواب الشعب بانها ستعمل ما بوسعها لتوفير شروط الانتخابات النزيهة و الشفافة ٬ وتستعد الحركات و الاحزاب لهذا الاستحقاق،  الاانه لا بد من التساؤل عن قدرة الحكومة على الايفاء بوعودها و هي التي لا تملك بيدها ادوات فرض اجندتها٬ اذ ان وسائل الضغط الفاعلة هي بيد الاجنبي من ادوات استخبارتية و امنية و مالية ٬ بل ان الدستور الذي انضاف كاداة قانونية يؤسس لمواطنة بدون وطنية لا تحصن من التبعية و نتائجها مثل التهميش بشتى مظاهره٬ في حين ان الطيف السياسي و المدني خرج من مواجهة عمقت انعدام الثقة فيما بين مكوناته وكذلك ازمة ثقة الشعب في اطرافه.و الاخطر من ذلك هو انعدام المشروع السياسي المشترك فيها بينها٬ و هو ما يجعلنا – حتى في صورة بلوغ الاستحقاق الانتخابي – نتساءل هل نحن  في مأمن من عودة ماكينة"الحوار لنقض الاختيار " لنشتغل مجددا؟
لذلك فان الاستعداد للانتخابات يقتضي حسن تقويم الاوضاع الموضوعية للبلاد و كذلك الوضع الذاتي لكل طرف سياسي و هو ما يحتاج الى نفاد بصيرة و شجاعة على تحمل مسؤولية الاخطاء و الانحرافات و تصحيح المسار بما يخول التشارك في بناء مشروع دولة تكون الوطنية فيها شرطا لتحقيق المواطنة.
الاستاذ عبد الرؤوف العيادي
تونس الخميس 6 ربيع الثاني 1435
الموافق 6 فيفري 2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق