أبو يعرب المرزوقي
تونس في 2014.03.04
تصحيحا للمفاهيم
لا بد أولا أن نسمي الأشياءبأسمائها حتى لا نغالط أنفسنا. فقد نتياسر مع الحقائق فنتكلم على الدول العربيةوالإسلامية واصفين إياها بأنها دول لها نظام عدالة وسلطة قانون ونظام تربية وسلطةأخلاق ونظام ثقافة وسلطة ذوق ونظام إعلام وسلطة صدق. لكن ذلك ليس إلا تجوزا:فالدولة من شروط وجود شروط السيادة أعني القدرة على التشريع الذاتي وعدم التبعيةفي الحماية والرعاية كما بينا عند الكلام على الدولة في مفهومها الفلسفي والسياسيالحقيقي. لكن جميع ما يسمى دولا عربية وإسلامية توابع ليس لها من مقومات السيادةأعني مقومات الحماية والرعاية الذاتيتين شيء يذكر.
لذلك فالموجود في أقطار أمتنا ليس فيه شيء من ذلك بل هو في حقيقته نظام يغلبعليه الطابع المافياوي مع إقطاعات متفرعة عنه بعدة الوظائف التي تكون عادة وظائفالدول السيدة. وهي إقطاعات متحالفة على استعباد المواطنين ومواصلة المهمةالاستعمارية باستعمال هذه الوظائف التي هي: الحكم التابع والاقتصاد التابعوالتربية التابعة والثقافة التابعة والتبعية الروحية والحضارية المطلقة.
وأكبر فضل للثورة أنها عرت هذه المافية وأذرعها فجردتها من كل أوراق التوتالتي تسمى سلطان القانون وحقوق المواطن والإنسان وخاصة مهابة الدولة مهابتها التي تحولتإلى إرهابها النسقي على الأبدان والأوراح وعلى الأخلاق والأرزاق. وهي قد عرت خاصةمستويات التدخل حتى باتت السفارات والزيارات أشبه بما كنا نسمع عنه خلال عصورالانحطاط وبدايات الاستعمار عندما كانت القنصليات تملي على البايات والأمراء مضامينما يسمى بعهد الأمان أو دساتير آخر الزمان.
فكل مطلع على الساحات السياسية العربية كما فضحتها الثورة يدرك أن الحكم كانقبل الثورة جهرا وصار بعدها سرا ثم عاد بالتدريج إلى العلن لا يحكم بذاته التيتكاد تكون قد انقرضت بسبب أرذل العمر الذي لحق بنظامها وتكالب زعمائة أو ورثةزعيمه فكان يحكم بأذرعه التي تنازعت على الإرث تنازعا يتصاعد بمقدار تآكل الشرعيةالشكلية التي أمد بها الاستقلال الشكلي هذه الأنظمة التابعة.
المافية ومنظومتها
لقد سرت هذه المافيات الفرعية في المجتمع وفي ما يسمونه دولة سريان الخلاياالسرطانية التي بلغت الميتاستاز (الشيوع التام في كل خلايا البدن) وخاصة في عهدابن علي وريث بورقيبة بفضل المسيطرين على وظائف الدولة من أذرع المافية ومؤيديحكمه من شهود الزور الذين يريدون العودة إلى حكم البلد باسم الزعيم الذي خانوهوأهانوه وحبسوه في شيخوخته: حزب السبسي الخليط والأحزاب التي تدعي إحياء الحركةالدستورية. ولما كانت هذه الأذرع متعددة فينبغي أن نضع طريقة لحصرها بالانطلاق منوظائف الدولة التي قضت عليها بتحويلها إلى إقطاعات مافياوية:
إنها المافية المندسة في أدوات العنف المادي أي المندسة في الأمن الرسمي (فيوزارتي العدل والداخلية) والتي كونت الأمن الموازي (المليشيات).
والمافية المندسة في أدوات العنفالرمزي أي المندسة في التربية الرسمية (في وزارتي الثقافة والتربية) والتي كونت التربيةالموازية (الدعاية والإعلام).
ولعل أخطر هذه الأدوات الأربعة (المافيات المندسة في الأمن الرسمي والأمنالموازي وفي التعليم الرسمي والتعليم الموازي) هي الأداة التي تقبل الوصف بالبحيرةالآسنة أعني علاقة هذه المافيات بالثقافة والإعلام وبالمؤسسات التربوية والجامعيةمنها على وجه الخصوص لأن جل المشرفين عليها كانوا من أعضاء الحزب الحاكم أو من رديفاتهالتي يأتي ذكرها بل هم كانوا من المسؤولين في أحدها أو في الكثير منها. ذلك أنهحتى من يقبل به النظام ممثلا للمعارضة الصالونية من يسار الكفاير ومثقفي العار فإنهكان حليف حضاري له.
وهؤلاء الحلفاء الحضاريين اشتهروا بشعارات زائفة تدعي التنوير المزعوم الذيلا يتجاوز المعرفة الصحفية والتقريب الجمهوري وليس له من مضمون عدا محاربة ما للحربعليه وظف الاستعمار هذه الأنظمة العميلة التي أسست لمحاربة الحضارة العربيةالإسلامية لمنع الأمة من استئناف دورها في التاريخ الحديث بالإبقاء على مكانهاالمفتت لمنع نموها المادي وزمانها المشتت لمنع نموها الروحي. وتتمثل حربهم في العرضالكاريكاتوري الذي برع فيه بعض المتعالمين في كل شيء دون تحصيل أي علم في أي شيء محاولةمنهم للتصدي لمن يقاوم التبعية الروحية للمستعمر: فالمستعمر يعلم أن استعماره يبقى منقوصا ما بقي في الأمةطموع لاستئناف دورها التاريخي.
ولعل أهم ذراع هي ما يمثله بعض المندسين من المسيطرين على مقاليد المنظمات الاجتماعيةالتي كانت تابعة للحزب الحاكم ثم صارتبديلا منه بعد أن أصبحت مظلة للكثير من محاربي الاستقلال العميق أو الحضاري المحررمن التبعية أعني كل المسيطرين على الاتحادات الجامعة لقيادات العمال والفلاحينوالأعراف والطلبة والمرأة والشباب والكتاب فضلا عن الإدارة الرسمية (الولاةوالمعتمدون والعمد) وإدارة المؤسسات العمومية والخاصة (المديرون العامون للشركاتالوطنية والشركات الكبرى الخاصة التي هي في الحقيقة فروع الشركات العامة مصا لدمها)التي كانت كلها في خدمته.
كيف نشأت المافيات ولِمَ تغولت
ويمكن القول إن هذا النظام المافياوي أو نظام تحالف المافيات المستعبدةللأوطان خدمة لمصالحهم الخاصة وتقاسم استغلال الأوطان والمواطنين مع الاستعمار موجود في جل الأقطار العربية التي أصبحت بسببهمتابعة للأجهزة الأجنبية الاقتصادية والسياسية والتربوية والثقافية. وقد أصبح هذاالدور جليا بعد أن عرتها الثروة فتبينت طبيعتها بانحيازها للثورة المضادة فيالأقطار التي حصلت فيها الثورة وخاصة مصر وسوريا مع أمر تتميز به عن تونس كان شبهمفقود فيها هو المؤسسة العسكرية المتغولة والاستخبارات وما يتبعها من بلاطجة لميتأسس مثلها في تونس إلا في أواخر عهد بورقيبة وخاصة في عهد ابن علي.
ولعل ما يحصل حاليا بعد الثورة يتدرجنحو ما يماثل الموجود في بلاد العرب الأخرى. فالجيش يبقى جمهوريا ما لم يسيس ولمتشعره الطبقة السياسية بأنها تحتاج إليه في حماية بعضها ضد البعض الآخر. ذلك أنتنامي دوره في حماية السلطة يولد لديه طموحا فيها. ومن ثم فهو حتما سيسعى إليها مادام قد دعي إلى مائدتها إذ لا يمكن لمن يحمي سلطان غيره أن يخضع لغير سلطانه فيصبحبالفعل صاحب السلطان وبذلك تصبح تونس مثلها مثل البلاد العربية الأخرى التي سلطانالسلطان كله بيد العسكر والاستخبارات. أما ليبيا فلا كلام عليها لأن القدافي قضىعلى الدولة أصلا ولم يحكم إلا بالفوضى والأمن والاستخبارات.
فالأحزاب الحاكمة في البلاد العربية بسبب عدم التداول والوحدانية الحزبيةاضطرت بالتناسب مع فقدانها لشعبيتها المتآكلة لطول بقائها في الحكم إلى أن تقاسمأكبر المنظمات الاجتماعية مزايا الحكم المافياوي فأصبح الاتحاد العام التونسيللشغل في تونس مثلا قسيم الحزب الحاكم ولم ترجح كفة الحزب إلا بفضل أجهزة الدولة عنيفهاولطيفها. لكنه كان يقاسمه مقاسمة شبه رسمية منذ احتياج إليه شق منه إلى حسم الحربالأهلية ضد ليوسفية الحرب التي نتجت عن الخلاف حول ثمرة المفاوضات مع الاستعماربعد اندلاع الثورة الجزائرية التي أرادت فرنسا الفراغ لها ومنع الثورة المغاربيةمن أن تكون شاملة للأقطار الثلاثة لئلا تكون بداية الوحدة في ساحة القتال.
سر انهيار رأس النظام
من الواجب أن نفهم السر في الانهيار السريع لمافية ابن علي المباشرة-وقياساعليها مافية مبارك-هو سعي المافيات المتفرعة عنها للمحافظة على بقائها لتكون مايسمى بالمافيا العميقة في حالة كهذه وتستحوذ على كل شيء في أجهزة الدولة التي كانعلى رأسها. لذلك فإني اقترح تفسيرا مضاعفا تفسيرا اعتبر السقوط السريع لرأسيالنظامين التونسي والمصري ناتجا عن محاولة من الفروع إنقاذ نفسها بالتضحية براسهاقبل أن يتبين لاحقا أن النظام العسكري في مصر والنظام النقابي في تونس قاما بنفسالمناورة:
الأول هو أن هذه البدائل من الحزب الحاكم بعد أن تفشت المافية التي تسيطرعليها في المجتمع أصبحت ذات مصالح مختلفة عن مصالح راس النظام بل هي أصبحت مافياعميقة تبحث عن حكم مطيع يخدمها بدلا من أن تكون في خدمته.
الثاني هو أن رأس النظام بدأ يشعر بأنه عليه أن يبحث عن قوة سياسية مستقلةعن هذه الأجهزة والمنظمات التي لم تعد مهيمنة على مجالاتها فسحب بل أصبحت ذات طموحسياسي وجالبة له كراهية الشعب الذي يحمله مسؤولية كل ما يحدث.
فنشأت معركة على السلطة السياسية بين المافية الرئيسية وفروعها المافياوية لماشعرت الثانية بأن الأولى بدأت تبحث عن قاعدة سياسية جديدة. ما حدث في الثورة أو إنشئنا ما سرع سقوط المافيا الرئيسية هو تخلي الأذرع المافياوية عن رأسها الذي كانيسعى إلى التخلي عنها بحثا عن بديل يضمن له الاستمرار في دوره. وصادف أن حصلتالحركة الاحتجاجية لما كانت المعركة جارية على أشدها في النظام نفسه بين رأسهوأذرعه فأصبحت فرصة أراد كل منهما استغلالها للإطاحة بخصمه. وإذن فالثورة لم تنجحموجتها الأولى باليسر الذي راينا في تونس وفي مصر- بخلاف سوريا وليبيا حيث لم يكنللنظام منافسين من حجم ما يوجد في مصر وتونس- إلا لأن الأذرع أرادت أن تفطر براسالنظام قبل أن يتعشى بها فكانت التضحية به للإبقاء على الأذرع أو المافيا العميقةخدمة لمصالحها.
المافيات واستراتيجية الثورة المضادة
وقد كان سبب المعركة داخل النظام في تونس كما في مصر واحدا. فالنظام فيتونس كما في مصر أدرك أن راسه وأسرته وبعض المنتفعين المباشرين بدأ يبحث قاعدةسياسية بديل من حلفائه الذين افتكوا منه جل ما لديه من سلطان والذين كانوا يعارضونسعيه للتوريث فسعى إلى الصلح مع القوة السياسية الأكبر في البلاد ليتغلب على تغولالأذرع التي باتت تنافسه السلطة وتمنعه من تحقيق ما يسعى إليه من تمديد لسلطانهبالتوريث بعد أن شعر بأنها لم تعد كافية ولا قابلة لتمكينه منه:
فالأذرع وخاصة الذراع الرئيسية (العسكر في مصر والنقابة في تونس) كانت ترفضأن تُستبدل وترفض التوريث المباشر (في مصر لوجود الوريث المرشح أو المؤجل (في تونسلصغر الوريث المرشح) لعله كان بدايات الصلح والمهادنة مع الإسلاميين إلى الوقتالمناسب. لذلك فإن الفروع المافياوية تركت راس النظام يسقط بل وساهمت في تسريع هذاالسقوط حتى لا يستفحل أمر الثورة فتتجذر وحتى تتمكن هي من تنظيم اللعبة لتضربعصفورين بحجر:
البقاء في الحكم خلال فترة كافية تمكنها من العودة إليه بصورة أكثر ثباتاوقوة كما كان في عهد عبدا لناصر في مصر وكما كان في نهايات عهد بورقيبة في تونس.ويبدو أن الخطة في الحالتين حققت الكثيرمما سعت إليه.
وإسقاط البديل أعني القوة السياسية الوحيدة الموجودة في مصر وفي تونس والتيكانت مستعدة للوصول إلى صفقة معه -بمباركة من الولايات المتحدة-أعني الإخوان فيمصر والنهضة في تونس فورطوهم في الحكم ليطيحوا بهم نهائيا كما يتصورون.
والعسكر ومعه فلول الحزب الحاكم في مصر كان يرفض الصلح بين النظام والإخوانالذي كان سيمكن من التوريث والاتحاد ومعه أزلام الحزب الحاكم في تونس له نفسالموقف لأنهما يريدان أن يبقيا الحاكمين الفعليين في مصر وتونس فتركا رأس النظاميسقط ونظما الأمر بحيث تسقط معه القوة السياسية الوحيدة الموجودة في مصر وفي تونسالقوة التي كانت مستعدة للوصول إلى صفقة مع النظام المتقدم على الثورة -بمباركة منالولايات المتحدة-أعني الإخوان في مصر والنهضة في تونس فورطهما في الحكم ليطيح بهمانهائيا كما يتصور: لكن ذلك لحسن الحظ سيكون بداية الموجة الثانية للثورة بعد أنأصحبت ذات رسالة محددة وقيادة معينة يجمع بينهما الأصالة الحديثة والمرجعيةالإسلامية التي تحقق الثورة على الأرض بالتصدي للفلول والعسكر في مصر وللأزلاموالاتحاد في تونس.
ما العمل في موجة الثورة الثانية
والموجة الثانية من الثورة ليست إلا اكتشاف الإخوان في مصر والنهضة في تونساستحالة الصلح مع الفلول والأزلام لأنهم لا يريدون للثورة أن تحقق أهدافها سلميابل هم مستعدون لتحويل الثورة إلى حرب أهلية كلفهم ذلك ما كلفهم للمحافظة علىامتيازاتهم المشروطة بالاستبداد والفساد والتبيعة لمن ولاهم على الشعوب التي تحولتإلى شعوب متسولة للقمة العيش بلا حرية ولا كرامة:
لم يعد بوسع ممثلي الثورة أو قوى أغلبية الشعب الانخداع بما يشبه الصفقة معالعسكر في مصر ومع الاتحاد في تونس حتى يحكموا.
ولن يقبل هذه القوى الممثلة للشعب الدخول في مغامرة الحكم من دون شروطهالحقيقية أعني تصفية الحساب مع أذرع المافية الخفية.
فلا يمكن لأي قوة سياسية أن تحكمإذا كانت المافيا الخفية أعني منظومة الأذرع مسيطرة على أدوات فعل الحكم كلها. ففيهذه الحالة يكون المنطق الفعلي لمجريات الأمور هو منطق الاستبداد والفساد والثورةالمضادة ولا تكون الثورة حاصلة إلا على مظاهر الحكم الرسمية التي لا أثر لها علىبواطنه الفعلية. ولما كان أهم ذراع هي العسكرية والأمنية والقضائية والإعلامية فيمصر ومن جنسها في تونس مع استثناء العسكر لعدم وجود دور سياسي له متقدم على الثورةوكان البديل منه هو الاتحاد العام التونسي للشغل فإن انقلاب الثورة المضادة سيكونفي مصر عسكريا وفي تونس نقابيا.
وبعبارة وجيزة فإن كلا الخطأين تمثل في عدم ترك الثورة تستكمل مرحلتهاالأولى التي تشبه مرحلة أي بناء: لا بد من تعبيد الأرضية بإزالة ما عليها من سرطانالأذرع الذي بلغ الميتاستاز (=الانتشار الكامل في كل خلايا البدن). فالثورة المضادةتريد أن تجعل الثوار ييأسون من جدوى "اذهبوا فأنتم الطلقاء" أو قاعدةالصفقة التاريخية كما حدث في المصالحات التي حدثت في جنوب إفريقيا أو في أمريكااللاتينية أو في أوروبا الشرقية. إنهم يدفعون بلاد الربيع العربي دفعا إلى الحربالأهلية مطمئنين إلى السند الأجنبي الذي يناسبه القضاء على شروط تحقيقالديموقراطية الحقيقية (أن يحكم الشعب نفسه بحق) لأنه يحتاج إلى الديموقراطيةالموزية (أن يكون الحكام خاتما في إصبع القوة الحامية).
فالثورة المضادة هي البادئة برفضهذين الحلين وهي المبادرة بالعودة إلى منطق الأقصاء بل والاجتثاث بقيادة يساريةليبرالية قومية تكفيرية بالمعنى المزعوم تحديثيا وتنويريا. ومنطق الاجتثاث هذهالمرة أكثر تطرفا إذ هو قد بلغ مبلغا لم يصل إليه حتى بوش في عز عنجهيته. فالفلول فيمصر بعد الانقلاب العسكري أصبحوا يعتبرون كل الإسلاميين إرهابيين بل والإسلام نفسهلا يمكن أن يكون إلا مرجعية إرهابية ما لم يصبح نسخة من المسيحية. ولن يمر زمنطويل قبل أن يعلن الأزلام في تونس بعد الانقلاب النقابي كل الإسلاميين إرهابيين بلوالإسلام نفسه لا يمكن إلا أن يكون مرجعية إرهابية ما لم يصبح نسخة من المسيحية.والدليل هو العودة إلى علامتين لا تكذبان:
ما يسمونه بتجفيف المنابع الذي يريد أن يبدأ بالمساجد لينتهي بالمدارسوبرامج التعليم والثقافة: لا يحق لأي إسلامي أن يكون له حق التعبير سواء في مؤسساتالدولة أو حتى في المؤسسات الخاصة فضلا عن أن يحق له تأسيس مؤسسات تربوية أوثقافية أو خاصة إعلامية.
وما يسمونه بتحييد الإدارة الذي يريد أن يبدأ بالإدارة السياسية لينتهي بكلمهنة للمافيات عليها سلطان: لا يحق لأي إسلامي أن يكون له مورد رزق سواء في مؤسساتالدولة أو حتى في المؤسسات الخاصة فضلا عن أن يحق له تأسيس مشروعات خاصة لأنهاستحاصر حتى تفلس.
وبذلك فسيصبح المجتمع العربي مجتمع مؤلف من معمرين ينوبون الاستعماروثقافته لفرضها على "الانديجان" أي المستعمرين الذين لا يحق لهم إلا أنيكون خدما لسادة هم أبناء عملاء الاستعمار أو عملاء ثقافته. ووظيفة الحكم سوءابأدوات الغزو العنيف أو بأدوات الغزواللطيف هي قتل الحضارة الذاتية واستبدالها بالحضارة الغازية بدعوى التحديثوالتنوير مع ما يصاحب ذلك من تسطيح واستتباع يجعل المدارس والجامعات تتحول إلىوسائل دعاية مبتذلة لشعارات لا يتحقق منها إلا الانحطاط بدليل التأخر المطلقللجامعات والتعليم والثقافة التي قادوها منذ أكثر من ستة عقود.
وتلك هي مهمة التحديث المستبد الذي يعتبر الشعب قاصرا ولا يحكمه إلا من كانكافرا به وبحضارته أو مؤمنا بما ينافيهما. وقد بدأ الأمر بعد: فكل الإصلاحات التيقادها هؤلاء انتهت إلى كساح المدرسة التونسية ومثلها المصرية فضلا عن انحطاطالجامعات التي تحولت إلى مخازي. أما المسؤوليات السياسية فهي قد أصبحت باسم كفاءةكاذبة حكرا على من يؤمن بهذا النموذج ويكفر بالتنمية المستقلة والطموح التاريخيللأمة. فالديموقراطية لا تكون مقبولة إلى إذا استثنت من عداهم ولم تبق إلا عليهمخدما طيعين للتبعية في وظيفتي الدولة ذات السيادة حتى تفقدهما: الحماية والرعاية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق