الانهيار الوشيك للمنظومة الراسمالية لم يعد حديث مجموعات ثورية هنا و هناك تطالب بتحقيق عدالة في التوزيع. نحن نقترب من نهاية اللعبة و كلما اقتربنا اكثر كلما اكتشف المزيد من الناس هذه الحقيقة.
يكشف الفيلم الوثائقي هذا عن الوجه القبيح للمنظومة الراسمالية, يجعلك تشعر بالغثيان و ترغب في ان تقئ على هذا العالم الذي يطحن فيه حفنة من الناس حياة مليارات البشر من اجل العيش في بذخ حقير غير مبرر و لا يعبر سوى عن حالة مرضية مزمنة.
و برغم ان الفيلم يكشف عن جوانب مهمة من الازمة الخطيرة التي تواجهها الراسمالية و البشرية باسرها و لكنه ينتقدها على اساس انه خلل في الراسمالية و لا يرى ان الراسمالية في حد ذاتها كمنظومة هي خلل حقيقي في حياتنا. فيطرح معالجات اخلاقية و تشريعية حول الضرائب و ما الى ذلك. و يتوصل برغم ذلك الى حقيقة ان هذه الحلول لم تعد مجدية على اي حال. و يترك الباب مفتوحا كعادة جميع خبراء اقتصاد السوق الذين لم يعد بمقدورهم ان يغمضوا عيونهم حيال الازمة و الانهيار الذي لا يمكن تجنبه.
ان التطور التكنولوجي الذي ادى الى زيادة الانتاجية و تدهور القدرة الشرائية بسبب تسريح الملايين من الناس دفع بالعالم الراسمالي الى سياسات طبع النقود و خلقها من العدم لاجل دعم الطبقة الوسطى و خلق مستهلكين يحافظون على استمرار الدورة الراسمالية, هذه الطبقة ازدهرت بالديون بعد ان كانت في طور الانقراض. الطبقة الوسطى التي تم تمويلها و تضخيمها عن طريق ضخ نقود وهمية في الاسواق لم تكن في الحقيقة اقل وهمية من النقود نفسها. و منذ الانهيارات المصرفية عام 2008 بدات سياسات التقشف و سحبت البنوك فراملها عن خلق النقود لمنع تدهور قيمتها مما ادى الى ضياع هذه الطبقة الوسطى المبنية على هذه الديون و اختفاءها تدريجيا. فانكشفت هذه النخبة التي تمتلك ثروات الكوكب امام الملايين الذين يلهثون عبيدا لديونهم للبقاء في عجلة الهامستر الراسمالية. المنظومة التي تسحق مستهلكي بضائعها هي منظومة منتهية الصلاحية دون ادنى شك لانها تزيل اسباب وجودها.
الازمة الحالية ليست ازمة اخلاقية او نتيجة سياسة اقتصادية خاطئة بل هي ازمة اليات لم يكن بمقدور الراسمالية تجنبها. و الانحطاط الاخلاقي و الانساني للطبقات الثرية هي ايضا نتيجة طبيعية لآليات المنظومة نفسها. هذه الاليات هي نفسها تدفع نحو انهيارها قريبا. فالراسمالية لعبة قائمة على جمع الثروات و لاعبيها مثل طفيليات القراد التي عليهم لكي يعيشوا ان يمتصوا الدماء حتى ينفجرون. و هي امتصت الان حتى بات افجارها وشيكا.
و لكن ليكن معلوما ان الانهيار لا يعني باي شكل ان الراسمالية ستنتهي بل يعني انها ستتحول من نظام الى فوضى تسودها الوحشية و تعيدنا الى العصور المظلمة اذا لم يؤدي ذلك الى الثورة الاجتماعية لتغيير المنظومة الاجتماعية. الانهيار سيكون فرصتنا للتغيير و لا يعني ابدا اننا سنتخلص هذه الطفيليات الفاسدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق