Hot

الأحد، 6 مايو 2018

قراءة أولى في نتائج الإنتخابات

إنتصرت القائمات المستقلة، إنتصرت عقلية : لن أنتظر التغيير، بل سأسعى للتغيير.. و هو إنتصار ساحق ماحق، نظرا للفرق الشاسع في الإمكانيات، بينها و بين منافسيها.

سعيد أني ساهمت و لو بذرة غبار في هذا.

سيسعى المتضررون الأكبر من الهزيمة (أتباع الأحزاب المتكلسة، الثقيلة، الخانقة للإبداع و المبادرة، المكبلة) على رفع معنوياتهم عبر التقليل من قيمة هذا النصر، فلندع جميعا، أن لا يفهموا، و أن يأخذهم الغرور، و يفسروه حلزونيا :)

لبعيدا عن الفذلكة و منطق الخاسر و الرابح.. فلنقم بتحليل أولي للنتائج.

المعطى الأول هو نسبة المشاركة.
مرت من 69% سنة 2014 إلى أقل من 33.7% سنة 2018
مع التذكير أنها إنخفضت ب 15,92% يين 2011 و 2014

بعيدا عن خطاب التخوين، هي مقاطعة و ليست عزوفا.. هي رسالة عقاب للطبقة السياسية قاطبة، هي نتائج النظام الهجين المشوه في تونس الذي أفرغ الحياة السياسية من معناها بأنها تنافس مشاريع و حولها لصفقة، هي نتائج تمييع الديمقراطية و تحويلها من وسيلة لخدمة الناس إلى وسيلة لخدمة أحزاب منفصلة عن واقع الناس، هي رسالة أننا لم نعد معنيين بالشأن العام، لا نعتقد أن ما يحدث بينكم يعنينا، يهمنا.

المعطى الثاني يخص الأحزاب.

نتائج هذه الإنتخابات تعطي الوزن الحقيقي للأحزاب في المجتمع.

هذه انتخابات محلية، يقاس فيها إشعاع الحزب و إشعاع ناسه، لا تتأثر كثيرا مثلا بالإعلام أو بالرموز الوطنية.
الحزبان الخاسران (مانا قلنا الفائز هو القائمات المستقلة)، نزلا بكل ثقلهما : رئيس الجمهورية، الحكومة، الدولة، لنداء تونس، و كل الرموز بالنسبة للنهضة .. طاف راشد الغنوشي الأسواق.
الإنتخابات هذه هي أقصى ما قد يقدر على تعبئته حزب بموارده، حين يغيب المحرك المستعمل سابقا : الخوف! الخوف على الإسلام أو الخوف على النمط.
هذه أول إنتخابات لا يكون المحرك الأساسي فيها .. الخوف و المضاددة.. فتجبر الأحزاب على قيس إشعاعها بما تملك.
تراجع النداء : 1279941 صوت في 2014 .. ربما تفسيره في أمرين : جينات تكوين الحزب، و نتائجه في الحكم
تراجع النهضة : 947034 صوت في 2014 (خسرت 554286 صوت مقارنة ب 2011) مرده أنها خسرت كثيرا من المتعاطفين.. ربما بعنهجية :"المرة الجاية ما تنتخبوناش" أو بسبب قوانين المصالحة؟ او بسبب أدائها الباهت.. الأمر يستحق التفكير المعمق و هو أكثر تداخلا على ما أعتقد من أسباب تراجع النداء.
يجب التذكير أن النهضة أدخلت 50% من المستقلين في قائماتها، هاذم ناس استعملوا علاقاتهم و عايلاتهم، مما يجعل عدد أصوات النهضة هذه المرة أكبر قليلا من حجمها الحقيقي في المجتمع.

بالنسبة للنهضة و النداء، أقصى ما يمثلون اليوم مجتمعين : 700 ألف صوت، يعني هزم أحدهما أو كلاهما، هو أمر ممكن و نسبيا سهل على المدى المتوسط.

تراجع الجبهة : 124645 صوت في 2014 ممكن قرائته أنه بدون إمكانيات "نسمة" اليسار المعروف بالراديكالي لم يعد له نفس الوزن السياسي.

نتائج التيار الديمقراطي هل تؤهله أن يفتك لقب "حزب اليسار الإجتماعي"؟ بوادر كثيرة تدل على ذلك، لكن معطى مهم للتأمل قبل الحكم : يجب قراءة النتائج في الدوائر التي كان فيها تنافس مباشر بين التيار و الحراك.

آفاق و الوطني الحر، مسحت من الخريطة السياسية، كما مسحت العريضة الشعبية سابقا.. مرزوق و حلفائه.. رغم ذكاء تكتلهم.. ليس لهم وزن سياسي و قريبا مكانهم فقط بلاتوهات التلفزة.

أمر يستحق الملاحظة، هو أن عقلنة الإختيار، أمر لم يدخل بعد في الثقافة السياسية، فالتقييم العقلاني للوعود السابقة، على بديهيته و بساطته، يعتبره أنصار الحاكمين تهجما و على ما لاحظت، لم يكن من محركات الحملة حتى لمنافسي الأحزاب الحاكمة.

إن شاء الله في المحطات المقبلة يكون من أهم المعطيات التي توجه الناخب، فنسبة المقاطعة تعكس إنعدام الثقة، و وحده من يفي بوعوده، يستحق الثقة.

أمر آخر مزعج و مضحك : تسويق هذه الإنتخابات كإنتصار للتوافق كسياسة، رغم نسبة المشاركة و إنتصار القائمات المستقلة (رفض لسياسات الطبقة السياسية الحالية) هو ضحك على الذقون : الإنتخابات تأجلت 3 مرات، و ليس التوافق هو ما جعلها واقعا، بل فشلت النهضة في دفع شريكها إليها (كما فشلت في المحكمة الدستورية، الحقيقة و الكرامة..).. و صارت للأسف فقط لأن الإتحاد الأوروبي فرضها.

أعتقد أن الحزب الأكبر في تونس، هو حزب يتوق إلى ما غير السياسة الكلاسيكية، و أن كل المعروض على الساحة لا يستهويه، لا يجد نفسه فيه.

أعتقد أيضا أن 2019.. لو وجد شبابا متحمسا و قادر على مخاطبة الشباب، سيقع أخيرا تجديد الطبقة السياسية في تونس، فهذه رسالة الأرقام لهذه الإنتخابات.. أخيرا جهزت تونس لهذا.. أرى في أخذ الأحزاب لحجمها، لتطور عقلية السياسة دون الأحزاب، في نسبة المشاركة، رغم كل شيء : كثيرا من #الأمل، ينتظر فقط.. كثيرا من #العمل.

ألف مبروك للفائزين، إن شاء الله يكونوا في المستوى.
إن شاء الله من لم يفز، يكون له ما يكفي من النضج، لدراسة ما حدث و تطوير نفسه، ففي تونس مكان للجميع.

Yassine Ayari

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق