ليس هناك خلاف أن المرحلة الانتقالية والسلطة القائمة الآن قد ضربت صفحا بمطالب الثورة الاجتماعية وأن منظومة الزبونية قد استعادت آليات عملها كاملة. رأس مال هجين ومناول يتهرب من الضريبة الواجبة ويقاول على القطاع العام فيستنزفه.ويتجلى مرة أخرى الاصطفاف بين طبقة المستفيدين حول السلطة ومنها ضد طبقة المهمشين في الداخل. وتبدو قضية المناجم والمحروقات محركا فعَّالا للاحتجاج باسم التمييز الايجابي. يتحرك قطاع واسع من الشارع دون قيادة ذات مشروع ويلاقي خطاب التحريض تقبلا في الجهات دون ظهور أسماء المحرضين السياسية (القرص بيد خفية).
بما يجعله تحريضا لابتزاز النظام بفوضى الشارع وليس للثورة. إنه تحريض يبتز النظام ولا يغيره وهو وضع مماثل لوضع الثورة الأولى ثورة الأفق المحدود. والمطلب سيتجلى وقد يلبى في مفاوضات لن يسمع عنها الشارع. لكن لو انفلت الشارع فهل سيكون هناك من يتحكم فيه فعلا و"يبرِّدُه" في الوقت المناسب؟ هنا مربط الفرس.
نرى حزب النهضة يملك عدديا أن يحرك الشارع وأن يقوده لكنه لا يفعل ذلك ويسعى إلى التمكين لنفسه بالعمل على المدى الطويل بتفكيك النظام من الداخل لإنهاء وضع الإقصاء الأبدي. لكن هذا هدف حزبي وليس مطلب الشارع إذا انفلت بما يجعل الحزب بدوره هدفا للشارع وليس جزء منه وإن كان شعب النهضة المفقر في قلب الاحتجاج.
ونرى اليسار يملك الإعلام ويملك قدرة على التحريض في الشارع لكن هدفه كسر المنظومة التي تستوعب النهضة مرحليا وليس الثورة الاجتماعية. لم يكن استئصال الإسلام السياسي يوما هدفا للشارع المفقر. لذلك فمطلب اليسار ليس مطلب الشارع.
وهكذا نصل مرة أخرى إلى صورة النخبة المناورة بالشارع لمصلحتها دون مصلحته. بما يجعلها كلها أهدافا للشارع إذا انفلت ويعجزها أن تستوعب انفلاته في الوقت المناسب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق