Hot

الأحد، 21 يونيو 2015

الطوابير الخامسة وشروط العلاج


أبو يعرب المرزوقي 
تونس في 2015.06.21

1-سألنا أستاذنا: ما الطوابير العربية الخمسة أو الأدوات التي يوطد بها الاستعمار سلطانه على الأمة من ينتسب إليها؟ فأجاب: إنهم قيادات الأقليات والطوائف لا الأقليات والطوائف التي عاشت بيننا قرونا وكانت كل مرة أدوات يستعملها الغازي الأجنبي لحكمنا.
2-فقيادات الأقليات الطائفية التي تفرعت عن تأويلات مرجعية الإسلام والأقليات الطائفية التي تفرعت عن الأديان الأخرى التي عاشت في أرضه بتسامحه والأقليات العرقية والأقليات الطبقية الاجتماعية والطبقية الفكرية ليست كلها خائنة بل قياداتها هي التي تستعمل لهذه الغاية.
3-والدليل أنها كانت تعيش في المجتمع العربي الإسلامي في أمان لها ما للأغلبية السنية وعليها ما عليها إلا في لحظات انحراف قياداتها وتفضيل التعامل مع الغزاة على الولاء للشعب الذي كان بوسعه محوها كما فعل الغرب مع الشعوب التي فتحها. مجرد بقاء التعدد بخلاف الغرب دليل كاف على أن السنة ليست طائفية.
4-لكن الاستعمار بسياسة فرق تسد كان بحاجة لطوابير خامسة فكان الحل ذا مستويين: الأول يتعلق بتوظيف مستوى الحضارة الرمزي والثاني يتوظيف مستواها المادي.
5-فأما استعمال المستوى الرمزي فتمثل في تحريف تاريخ الأمة لإحياء أسباب الحرب الأهلية والإيحاء لهذه الأقليات بأنه يعطيها فرصة الانتقام في لحظة ضعف وترد جعلها فاقدة للقدرة على الدفاع الفاعل (وهذا خاصة مع الشيعة والمسيحيين).
6-وأما استعمال المستوى المادي فيتمثل في سياسة التطهير لجعل الأقليات حاصلة على أغلبيات في مفاصل من الجغرافيا الإسلامية تقضي على الوحدة الجغرافية للأرض العربية لأن زرع اسرائيل لم يعد كافيا خاصة بسبب العامل الديموغرافي.
7-والقضاء على وحدة التاريخ سلاحا رمزيا وعلى وحدة الجغرافيا سلاحا ماديا هدفه القضاء على شروط القوة الروحية (وحدة الأمة) و على شروط القوة المادية (وحدة دار الإسلام).
8-والقضاء على وحدة التاريخ هو علة التاريخ الاستعماري لتأسيس شرعية كاذبة للكيانات الهزيلة التي توطدها الدول القطرية فتجعل المصري فرعونيا والعراقي بابليا واللبناني فينيقيا والتونسي قرطاجنيا: قتل روحي
9-القضاء على وحدة دار الإسلام يجعل كل الكيانات الهزيلة التي نشأت كيانات تابعة بالجوهر في الحماية الأجنبية (القواعد) والرعاية الأجنبية (المساعدات) مع الاستعمار الثقافي والاقتصادي.
10-وفي مقابل التسويد القيادات الخائنة على الأقليات ثم تسويد الأقليات على الأغلبية السنية وتلك هي علة وجود الطوابير الخمسة لفرض أنظمة استبدادية وفسادة تخدم سيدهم وتحاول تخريب الحضارة العربية الإسلامية من الداخل.
11-لذلك تجد قيادات الأقليات الطائفية المنشقة على الإسلام السني وغير الإسلامية (الأديان الأخرى) وقيادات الأقليات الطبقية الاجتماعية والفكرية تحكم بالاستبداد والفساد بحماية أجنبية لأنظمة عسكرية.
12-ولنضرب أمثلة من دور قيادات الأقليات: فقيادات الحداثيين المزعومين يتحالفون مع القيادات العسكرية الخائنة فيصبحوا أبواقا إسرائيلية تجرم مقاومة غزة وبطولات القسام مثلا.
13-ومثال من قيادات الطائفية ضمن الإسلام: مليشيات إيران العربية التي تنتقم لمقتل الحسين الذي خانه آباؤهم من كل السنة فتتحالف مع بشار لتشريد الشعب السوري. هي المخرب الأول لوحدة الأمة.
14-ومثال من الطائفية من خارج الإسلام: قيادات الأقباط في أمريكا هم أعدى أعداء الإسلام ومصر وهم أصل الانقلاب الذي أدخل مصر في حرب أهلية هدفها الأول والأخير القضاء على الإسلام في مصر حتى صار بعض الأغبياء يعتبر المسلمين غزاة أو ضيوفا على الأقباط في حين أن المسلمين هم من أسلم منهم.
15-ومثال من قيادات الأقليات العرقية: فدور الأكراد والأمازيغ في الإسلام لا ينكره إلا جاهل. لكن قياداتهم تريدهم أعداء للعرب والمسلمين. وهؤلاء هم الوحيدون الذي وجدوا في سلوط الفاشية القومية العربية بعض الحجج التي تجعلهم هم بدروهم يصبحون منتسبين إلى القومية الفاشية.
16-اجمعت هذه القيادات التي تتكون منها الطوابير الخمسة على تخريب الأمة وتحكيم الاستبداد والفساد وسيلة الاستعمار للإبقاء على الانحطاط الذي تمثله الأنظمة التي تحكم بها.
17-وبذلك تتحدد فروع الحرب على الإسلام لمنع دوره التاريخي الكوني. إنها أصناف التبشير المسيحي والشيعي والعلماني والليبرالي والقومي الشعوبي الفاشي. تلك هي احصنة طروادة التي يستعملها الاستعمار.
18-فالتبشير المسيحي يتنكر ببرقعين: ابتزاز الفقراء والدفاع المزعوم عن الحرية الدينية. وهو إذن استغلال للفقر وللاقليات العرقية ضد السنة في بلاد العرب.
19-التبشير الشيعي يتنكر ببرقعين: حب آل البيت الكاذب والتقية ليندس عملاوه في كل الحركات السياسية من أقصى اليمين إلى اقصى اليسار دون تمييز.
20-التبشير العلماني واللبرالي ينتكر ببرقعين: حرية الضمير والحداثة. وكلتاهما دعوى كاذبة فالعلمانية واللبرالية أكثر نفيا لحرية الضمير من كل الأديان وهما يمثلان حداثة سطحية.
21-برقعا التبشير القومي الشعوبي: دعوى الفتح العربي استعمار والإسلام دين بدو رغم أن الحثالة القائلة بذلك لم تدخل شعوبها التاريخ الكوني إلا بفضلهما.
22-لذلك فالحرب النفسية والإيديولوجية على الإسلام وعلى العروبة التي هي قاعدته التاريخية الأساسية ترجع إلى محاولات التبشير هذه=وهي واهية
23-إنها معركة لا بد من الانتصار فيها إذا أردنا للأمة أن تستأنف دورها الكوني بدءا بتوحيد الأمة لعزل هذه القيادات الهدامة لا الأقليات.
24-لكن هذه المليشيات الخمس التي يتعملها الاستعمار وذرعاه إيران وإسرائيل هي التي تمولها الأنظمة العربية بأن تكلفهم بإعلامها وثقافتها وحتى بالمصالح الأساسية لدولها إما لخيانة أو لسذاجة.
25-ولا يمكن لسنة العرب أن يصبحوا قوة تتحرر من التبعية السياسية إذا كانت أنظمتها تمول أدوات التبعية التربوية والثقافية والاقتصادية وحتى الروحية لأن روح الأمم الآن لم تعد الدين وحده بل كل الإبداعات الفكرية والثقافية والفنية.
26-إذا أنت تركت تربية أبنائك للمربيات الأميات دون تمييز بين المساعدة المنزلة وتربية الأجيال وتركت إعلامك وثقافتك لأعداء الإسلام فكيف يمكنك أن تحمي حصانتك أو أن تكون أجيالا لها بها صلة؟
27-وإذا أنت تصورت مهمة الدولة مقصورة على الأسماء والشارات والجلوس على الكراسي ورشوة الشعب حتى يسكت على انخرام كل شروط السيادة حماية ورعاية فأنت تخرب بيتك بنفسك.
28-وإذا أنت جعلت شعبك مسترخيا لا يهمه إلا العيش المستسلم لحماية ورعاية أجنبيتين مكتفيا بوهم السلطة السياسية فأنت في الحقيقة تمول بثروة أرضك مستعمرك الذي ستأتي لحظة يرميك إلى من سينوبه لحكمك.
29-فشعوب السنة العربية تنقسم إلى قسمين: قسم من الله عليه بثروات ناضبة يعيش عليها ويحتمي حكامه بعدوه خوفا من أخيه ومن شعبه. وقسم ليس له هذه الثروات لكنه بدلا من الاعتماد على النفس والعمل يقبل أن يرشيه حكام مستبدون وفاسدون بالصدقات الآتية من مستعمر الأمس الذي يحكمي ولاته عليه.
30-تلك هي حال السنة التي جعلوها عزلاء بأنظمة يحميها عدوها وبشعوب يتصدق عليها والجميع نيام إلى أن قرر الحامي تسليم البلاد العربية إلى ذراعيه إيران وإسرائيل.
31-لكن اراد الله بمكره أن تنهض الأمة بثورتين إحداهما انطلقت من بلد الزيتونة لتحقيق التحرر من الاستبداد والفساد والثانية انطلقت من بلد الحرمين لتحقيق التحرير من الاستضعاف والاستتباع.
32-فإذا تكاملت الثورتان وتواصلتا بنفس طويل فإن كل ما ذكرنا من الأمراض سيصبح في خبر كان خاصة إذا كان شباب الحكم في بلد الحرمين ذا طموح يناسب ما من الله به على بلدهم من شروط القيادة: القدرة المادية والروحية.
33-فلو تنافست القيادات الخليجية الشابة في تحقيق شروط الحماية والرعاية لسنة العرب- وخاصة أمراء قطر والسعودية-لأصحبت الحال غير الحال ولما استطاع أحد التنمر على السنة.
34-ولا يمكن لهؤالاء الأمراء أن يكون لهم هذا الطموح إذا لم يسلموا بصورة حاسمة بضرورة الجمع بين الثورتين: لا يمكن تحقيق التحرير من الاستضعاف والاستتباع (علاقة بالخارج) من دون تحقيق التحرر من الاستبداد والفساد (علاقة بالداخل).
35-فبدون شعوب تحررت من الاستبداد والفساد في الداخل يمتنع الإقدام على معركة التحرير من الاستضعاف والاستتباع في الخارج: فالإصلاح الداخلي يكون الجبهة التي تمكن من الانتصار في الجبهة الخارجية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق