Hot

الأحد، 23 أغسطس 2015

ذباب الثورة المضادة


أبو يعرب المرزوقي 
تونس في 2015.08.23

1-كلامي اليوم على ذباب يقتات من مزابل الثورة المضادة والاستعمار ويبثون سمومهم في جسد الأمة: أدعياء إعلام وثقافة وخبرة في الاقتصاد والإرهاب والاستراتيجيا.
2-خمسة أصناف من الطحالب الذين يملؤون الشاشات والصحف والندوات والمؤتمرات ليس لهم من وظيفة إلا النفخ في معركة الانحطاطيين الكاريكاتورية.
3-ويدفعني إلى الكلام على هؤلاء العضاريط -الذين يعملون بمقابل ملء البطن- من جنس شعراء الكدية ومنهم من يتشاعر علتان جوهرية عامة وعرضية خاصة.
4-وسأبدأ بالعرضية الخاصة: فقد كثر اللغط بين ذباب مزابل الثورة المضادة حول موقفي من المتطوعين لنجدة شعب سوريا قبل التوظيف المخابراتي.
5-فقد اعتبرت ذلك من الحرية الشخصية وقسته على موقف أديب فرنسي كبير ممن تطوع ضد فرنكو في اسبانيا لأفهم عبيد فرنسا من نخب تونس: مالرو.
6-كما عللته بتطوع آبائنا في حرب موسليني على ليبيا وحرب إسرائيل على فلسطين وقبلهما حرب فرنسا على الجزائر. أعلم أن الظاهر قد يجعلني محجوجا لقيس الحالة على الاستعمار.
7-وما كانوا يدرون أن الاستعمار ليس إلا من نتائج الظاهرة التي تحاربها الثورة حاليا: فالاستبداد والفساد اللذين ثار عليهما الشعب هما ما يجعل الشعوب قابلة للاستعمار.
8-قال ذلك ما وصفه ابن نبي وعلله ابن خلدون علميا: الاستبداد والفساد بلغة ابن خلدون يفقد الشعوب معاني الإنسانية فيجعلها مستسلمة ومن ثم قابلة للاستعمار بلغة ابن نبي .
9-لكن ما يستفزني ليس رأي الذباب في موقفي فلو توقف الأمر عند هذا الحد لهان الأمر ولما كتبت حرفا في تحليل الظاهرة. ما يستفزني حمق الثورة المضادة.
10-فهذا الذباب جيش لا يحارب الأنظمة فحسب بل هو يحارب القيام الوجودي للامة ذاتها. فدوافع الثورة المضادة التي يذب عنها هؤلاء الحمقى هي عينها أهداف الاستعمار من الاستضعاف والاستتباع.
11-فالحرب على الشعب السوري والمصري والليبي والتونسي واليمني للدفاع عن أنظمة الاستبداد والفساد بدعوى الدولة الوطنية والمقاومة جريمة خالصة ليس ضد الشعب فحسب بل ضد الأمة وتاريخها وقيمها ودينها.
12-فأولا لا وجود لدولة في سوريا ومصر وتونس وليبيا واليمن بل الموجود هو مافية تبيع الاوطان للحصول على حصانة أجنبية تحميهم ضد الشعب ليستمتعوا باستبدادهم وفسادهم وتخريب كل شيء لملء بنوك سويسرا.
13-وثانيا لا وجود لمقاومة إلا بالمعنى الذي يجعلها ورقة تحرك عندما تحتاج إيران للضغط على الغرب في مفاوضاتها بالتهديد الوهمي لإسرائيل. فمن الضحك على الشعوب اعتبار بشار أو السيسي أو القذافي أو صالح أو زمارة الملالي مقاومين.
14-الدليل: حاكم سوريا ترك الجولان وحاكم مصر ترك سينا وفلسطين وحاكم تونس شارك في اغتيال زعماء فلسطين ونظام اليمن ساهم في ديموغرافيا إسرائيل إلخ....وزمارة الملالي يخطط للكانتونات الطائفية.
15-ثم جاءت الفاضحة: تبين الآن أن إسرائيل هي التي تقاوم الثورة السورية وتحمي النظام السوري وتقاوم ثورة مصر لتحمي السيسي بإسكات الغرب والتطبيل لثورتهم الدينية أي لمحاربة الإسلام.
16-والأدهى ليس هذا فحسب بل إن نفس الذباب الذي يلومني على اعتبار تطوع الشباب ضد الاستبداد والفساد حرية شخصية يصفقون لما حصل في عين العرب الذي شارك فيه بعض شباب الغرب وحتى الباشمارقا رسميا.
17-فأولا هم لا يقبلون باسم "عين العرب" بل يفضلون اسم "كوباني" مع دعوى القومية كما يدافعون عن إمبراطورية فارس على أرض العرب. ويعتبرون مساعدة الأكراد الآخرين والمتطوعين الغربيين حرية شخصية.
18-قد أفهم الغرب عندما يعتبر ذلك حرية شخصية لأنهم حتى مع من تطوع مع سوريا لم يستطيعوا منعه إلا بعد حصول التشويه المخابراتي من صنيعهم.
19-ذلك أنه من دون هذا التشويه دساتيرهم تعتبر التطوع من أجل قضية يؤمن بها المتطوع حرية شخصية وحقا تابعا لحرية التعبير عن الحرية. لذلك يحتاجون للتشويه. لكن ذباب الثورة المضادة لا معنى للحرية الشخصية عنده
20-ثم جاءت الفاضحة الثانية: فهم لا يعترفون إلا بحرية المستبد والفاسد وعضاريطه يستعبدون الشعب بشعارات الدولة الوطنية والمقاومة. لذلك حاربوا الشرعية بحجج واهية ونراهم اليوم قليلهم ساكت وكثيرهم يدافع عن جرائم لا تغتفر ضد الشعب في تونس ومصر.
21-ولأعرج على قضيتهم معي التي تجندوا لها لعلهم يسموني بالإرهاب: قوادة داخلية ابن على ومرتزقة الإعلام والخبراء المزيفون يعتبروني مشجعا للإرهاب بموقفي من التطوع قبل تلغيمه الذي هو من صنع من يدافعون عنه وحماته.
22-فما أهداف تلغيم التطوع لتشويهه من قبل مخابرات الغرب وذراعيها في الإقليم: إيران وإسرائيل. هدفان: 1-إبطال حرية التطوع و2-تبرير ضرب المقاومة.
23-هدفان آخران: 3-الاختراق لضرب الانظمة العربية التي فهمت اللعبة 4-حتى لا تميز بين المقاومة والإرهاب مع حصانة للإرهاب الإيراني والإسرائيلي.
24-والهدف الخامس هو أصل الأربعة السابقة هو المحافظة على الأنظمة العميلة التي من جنس نظام بشار والسيسي وصالح والتي تحول دون تحرر الأمة بتخويف الأنظمة التي ما يزال لديها حس إسلامي وقومي مهما كان ضعيفا.
25-أعود إلى الذباب: هم من أدنى طبقات الشعب لأن الطبقات الأرقى يعملون في الخفاء فهم الذين يستبدون بالدولة وأجهزتها المؤلفة من الذباب درجة أولى المستعمل للذباب درجة ثانية.
26-أمثلة من الذباب المستعمل للذباب. فذباب مزابل الثورة المضادة درجات. سلطة المافية خفية وهي تستعمل ذباب اجهزة الدولة التي تستعمل الذباب الذي ذكرنا بأصنافه الخمسة.
27-ولعل أوضح مثال الآن هو مصر: المافية الحاكمة هم رجال الأعمال وعملاء إسرائيل وإيران.جهاز الدولة معلوم بكل درجاته. ثم بلطجية اللكمة (الجهاز العنيف) وبلطجية الكلمة (الجهاز اللطيف). والكل عضاريط لدى المافية الخفية وهي داخلية وخارجية.
28-مصر ليست استثناء: كل البلاد العربية التي حدثت فيها الثورة هي في هذا الوضع. وكل مساعدي الثورة المضادة لا يختلفون عنها إلا بسواتر معلومة ليس الآن مجال الكلام عليها.
29-لذلك فما نعيشه اليوم يترابط فيه أمران: الثورة على الاستبداد والفساد (بدايتها في تونس) والثورة على الاستضعاف والاستتباع (بدايتها بعاصفة الحزم).
30-ذلك أن الاستبداد والفساد هما سر فقدان معاني الإنسانية ومن ثم علة قابلية الاستعمار والاستعمار هو علة الاستضعاف والاستتباع. علتان متلازمتان.
31-وأنا أحاول إقناع الشباب بجنسيه بهذا التلازم -دون أن أكون واثقا من أن الحكام الذين شعروا بالخطر فهبوا بعاصفة الحزم يؤمنون حقا بهذا التلازم ويعملون بمقتضاه لأن العمل الظرفي ليس دليلا كافيا-.
32-شباب الثورة -والمتحرر من التوظيف المخابراتي المشوه للمقاومة- فهم التلازم فتطوع بمقتضاه وهذا دليل كاف وواف. فهل من علامة لفهم أصحاب العاصفة لهذا التلازم؟
33-العلامة: شباب الثورة ربط التحرر من الاستبداد والفساد بالتحرير من الاستضعاف والاستتباع فتطوع. فهل يربط الحكام التحرير بالتحرر فيصلحون الحكم في أوطانهم لتكون شعوبهم سندا للثورة؟
34-كلامي هذا سيضاعف أعدائي: عدواة الذباب أفهمها لأنهم يستمرئون الاستبداد والفساد إذ الذباب لا يعيش إلا في المزابل. فما العداوة الثانية ولم هي أخطر ؟
35-الذباب الذي يحارب الثورة موجود أيضا في بلاد الحزم وهم لايريدون الإصلاح بل سيصفون كل من يدعو إليه عدوا للأنظمة فيصمون آذانها عن النصح. وبذلك يخوفونهم من الثورة أكثر من الأعداء الحقيقيين.
36-وما يضحكني حقا هو أن ذباب الثورة المضادة في تونس يتهمني بأني عميل لقطر وبأني أعمل فيها في حين أن علاقتي حتى بالجزيرة هي من نوع زر غبا وتجربتي مع بعض سفهاء المتعالمين فيها مريرة (وهي من صدف التعاون العلمي المزعوم).
37-ويظنوني اخواني ونهضاوي. وما انتسبت في حياتي لحزب ديني. ويظنون أني أريد وزارة في حين أن عملي أفضل معنويا وحتى ماديا حتى من رئاسة الوزراء التي بلغت في الوضع الراهن من الاستضعاف والاستتباع ما يجعلها تقبل بدور الدمية.
38-ولست مستغربا فلا يمكن لخدم الغرف كما قال هيجل أن يفهموا معنى البطولة والرجولة فضلا عن أن يفهموا العمل الجاد والمؤمن بقضية سامية لأن إخلادهم إلى الأرض يعمي بصائرهم.
39-ارهم يتراكضون ولا يخلفون أي لقاء او نداء أو هواء أو بلاء فلا يبقى لهم أدنى لحظة للعمل وقد وصفهم القرآن وصفه للمخلدين إلى الأرض. كيف يفهمون من يعمل على الأقل عشر ساعات يوميا منذ نعومة أظافره؟
40-في الجامعة التونسية الأستاذ يعمل أربع ساعات في الأسبوع -وجلها يغيب فيها أو يضرب الطلبة- مع افتراض الباقي للبحث. تكتشف أنه للبحث في كل شيء عدا البحث العلمي. ذباب مزابل برباط عنق.
41-طبعا المزابل نوعان: مزابل الحكم والأحزاب ومزابل الشهرة والموضة. الأولى جعلت الجامعات توابع للمخابرات الداخلية والثانية جعلتها توابع للمخابرات للخارجية.
42-لذلك فالغالبية الكبرى من الجامعيين ضد الثورة ومع الثورة المضادة وخاصة من كان منهم من حبائب إسرائيل وإيران أو توابع المستعمر القديم. لكنهم يزينون مواقفهم ويحلونها بدعوى التقدمية ومكتسبات الحداثة التي يرونها تبرر لديهم الاستبداد والفساد.
43-من لا يمكنهم إلا نسبته إلى ثقافة تقليدية وحزب ديني كيف يقبلون أن يطلب شروط الاستئناف لحضارة يريدون هم التخلص منها لأنهم حداثيون وتقدميون: فإذن حربهم عليه مفهومة. وأنا فخور بها لأنها تشرفني وتبين صحة خياراتي.
44-فما تبعية الجامعات للمخابرات الداخلية والخارجية؟ علامتها أن الجامعات ليست للبحث العلمي في قضايا معرفية كونية ولا في قضايا حماية الامة ورعايتها بل هي تحولت إلى ما يسميه الاستعمار بالمهمة التحضيرية أي الحرب على ثقافة الأمة.
45-وهي لا تسهم حتى في متابعة حال المعرفة العلمية الراهنة بدليلين: 1-تخلف الطب وهو أهم بحث علمي بالنسبة إلى المواطن. كل القادرين يتداوون في الخارج.
46-الدليل الثاني: 2-الحماية والرعاية الجماعية. هل البحث العلمي يستجيب لحاجات الدفاع؟ وهل يستجيب لحاجات الاقتصاد؟ من يجيبني بالإيجاب كذاب.
47-وختاما فإنه لعين الشرف أن أتهم بما اتهم به حتى وإن لم أقصد الوصول إلى ذلك. ولو قست ما يوجه إلي بما يوجه إلى شيخ الإسلام لاعتبرتهم حبائب رحماء بي جدا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق