Hot

الأربعاء، 26 فبراير 2014

بنية الحكم الرشيد أو وظائف الدولة بمعناها الإسلامي


أبو يعرب المرزوقي
تونس في 2014.02.23

أعلم أن الكثير من المتفاقهين ينفون أن يكون للإسلام تحديدا لمفهوم الدولة وأن الدين ينبغي أن يفصل عن السياسة وأن الثورة تهدف إلى تحقيق هذا الفصل بدلا من أن تكون ترجمة للقيم التي تؤمن بها الجماعة أو جلها في التاريخ الفعلي. فبدءا من ذلك الشيخ الأزهري الذي نفى الدولة عن الإسلام في بداية القرن الماضي وختما بمفاتي السيسي الحالي وكل من ماثله في الانقلاب على الثورة ناهيك عن سخفاء الجاهلين بجوهر الأصل الديني لمفهوم العالـَمانية لا يزال أصحاب التحديث الكاريكاتوري يحاول فرض النموذج اليعقوبي على المسلمين. وإذا كان البعض قد انطلت عليه سخافات الواقفين عند ويل للمصلين فإن تعميق النظر في حقائق الأشياء يبين أن جوهر العالمنية مفهوم ديني عامة وإسلامي خاصة.
ذلك أن تحرير الإنسان من المفعول السحري للقوى الطبيعية سلبا هو جوهر التوحيد الديني عامة والإسلامي خاصة Entzauberung =Désenchantement وثمرة هذا التحرير من الخرافة يمثل الوجه الوجب من سعي الإنسان لتحقيق قيمة الحرية شرطا للتكليف وقيمة العدل شرطا لسلمية العيش المشترك تحقيقهما في التاريخ الفعلي. وذلك هو جوهر الرسالة الإسلامية بما هي استعمار الإنسان في الأرض واستخلافه فيها. فليس الدين بهذا المعنى إرجاء لتحقيق هذه القيم في اليوم الآخر المقصور دوره على الحساب والجزاء لما تحقق في الدنيا.
ليست القيم أملا يتحقق يوم الدين بل هي واجب ينبغي تحقيقه في الدنيا سواء كان التحقيق حاصلا بصيغة تربوية دينية (الشريعة الإسلامية مثلا) أو بصيغة تربوية فلسفية (شرائع أفلاطون مثلا). وذانك هما معنيا السياسة عندما لا تنحط إلى السلوك المافياوي الذي يسمونه سياسة يدافعون عنها بمحاولة الوقوف ضد الثورة والسعي لإرجاع أنظمة الاستبداد والفساد بسند استعماري وتمويل رجعي. لذلك تراهم يحاولون إقناع الشعب بغير ما يؤمن به فيزعمون أن الإسلام ليس له دولة وأنه لا توجد فيه نصوص تحدد معناها فضلا عن مبناها.

ما يخيف أعداء الثورة والاستعمار
إن كل فقهاء السيسي و من جانسه في حربهم على عودة المسلمين للتاريخ الكوني يريدون اليوم أن يدعموا الطغاة والانقلابيين على الثورة في حربهم مستعملين نفس الحجة التي استعملها للحصول على تأييد القوى الاستعمارية. فهذه القوى تحاول إبقاء المسلمين خارج التاريخ بمنع وحدتهم وسر قوتهم. وما كان الاستعمار يتحرك له جفن لو كان متأكدا أن قصد الثوار العودة إلى الماضي كما مضى أي الاقتصار على استعادة شكله الماضي الذي افقده الانحطاط مضمونه الحي فجرده من شروط المناعة الحائلة دون التبعية. لو صح لدي الاستعمار أن الثورة تريد العودة بالمسلمين إلى الجاهلية التي أرجع الانحطاط نظام الحكم الإسلامي إلى الجاهلية لكان سلوكه مع الثورة من جنس سلوكه مع أعدائها ممن يدعون الحكم باسم الإسلام ويمولون الثورة المضادة أو ممن يفتون بضرورة حصر الإسلام في العبادات أو خاصة في خرافات المتصوفة.
لكن تحرك الاستعمار لمساندة الثورة المضادة في مصر وتونس علته أن معاهد بحثه جعلته يدرك جيد الإدراك أن ما يحرك الثورة ليس استعادة الخلافة بشكلها الذي مات أعني ما آلت إليه في عصر الانحطاط والتخلف. إنه يدرك أن الثوار يريدون استعادة الحكم الرشيد أي الدولة التي تنتظم بالشروط التي تحقق مطلبيهم أعني الحرية والكرامة المشروطين بالمناعة والقوة.
ذلك ما يخيف الاستعمار والكثير من المتفاقهين في الفكر السياسي والدستوري وخاصة من حثالة كاريكاتور التنوير الذي يقول به أصحاب العقول العتماء من أدعياء الكلام في كل العلوم تحت مسمى الحضارة والمسارعين للكلام على جهل غيرهم بمعارف بدائية حول الفلسفة والكلام والفقه والتصوف والتاريخ في الحضارة العربية الإسلامية فضلا عن ذلك كله في حضارة الغرب. وقد سبق فبينت في محاولات عديدة أن للإسلام دولة تحقق قيم الحرية والكرامة بشروطهما المتعينة في العالم وليس مجرد آمال تؤجل إلى يوم الدين بل إن الإسلام لا يمكن تصوره تصورا متناسقا من دون دولة:
أولا لأنه ليس دين عبيد تابعين بل هو دين أسياد أحرار.
وثانيا لأن السياسة هي بالجوهر تربية وفن السمو بالإنسان.

طبيعة العلاقة بين السياسي والديني
وطبعا لا يفهم ذلك من تنحط السياسة عنده إلى السلوك المافياوي الذي حكم العرب والمسلمين طيلة قرون الانحطاط وخلال عهد الاستعمار المباشر وغير المباشر أعني ما ثار عليه شباب الثورة في بلاد العرب. فالسياسة هدفها تحرير الإنسان مما يجعله مجرد حيوان مخلدا إلى الأرض لفقدانه شروط الحرية والكرامة فقدانا يحوله إلى عابد للحاجات الأولية فلا يدرك الفضل الأعلى. لذلك فكلامي اليوم لا يتعلق بإثبات العلاقة بين السياسي والديني وخاصة بعد أن بينت في محاولة أخيرة بينت فيها الطابع اللامباشر لهذه العلاقة فحددت الجسرين الواصلين بينهما في الاتجاهين أعني التربية نهجا في تكوين الإنسان والثقافة مناخا محررا من الإخلاد إلى الأرض.
فالواصل بين السياسي والديني هو التربية والثقافة وصلا يجعل الثاني ممثلا لتحديد الغايات تحريرا للإنسان وتكريما ويجعل الأول ممثلا لتحديد الأدوات التي يكون الفاعل بها هو الإنسان نفسه بما هو محرر لذاته ومكرما إياها بهذه الفاعلية ذاتها. وذلك هو جوهر الأمانة والمسؤولية التي تعني بالمفهوم الديني تكليف الإنسان بتحقيق تلك القيم في التاريخ الفعلي استعمارا له في الأرض واستخلافا فيها وفي ذلك اختبار لأهليته للاستخلاف بالمعنى الديني وللإنسانية بالمعنى الفلسفي وهما معينان يجمعهما ابن خلدون في مفهوم معاني الإنسانية خلال كلامه على ضرورة أن تكون التربية والسياسة تحرريتين لما بين الوازعين الذاتي والأجنبي من فرق جوهري. 

في طبيعة الحكم الرشيد بالمعنى القرآني
فما الحكم الرشيد أو بصورة أكثر دقة ما وظائف الدولة التي تتصف بمعايير الرشد في الحكم الإسلامي كما حصل في ما بقي منه بعض الأثر حتى في المخيال الشعبي تحت مسمى الخلافة الراشدة حتى وإن لم يكن ذلك بالضرورة قد تحقق فعلا في التاريخ؟ وأسمى ذلك وجودا في المخيال الشعبي لأن تحديد البنية النظرية لعلة الوصف بالرشد بقيت وصفية وغير معللة منطقيا. لذلك فإن مسعاي هنا يحاول تجاوز هذا النقص النظري لتأسيس هذه الصورة النموذجية التي ليست بالضرورة مطابقة بإطلاق للحقيقة التاريخية كالحال في كل مثال أعلى حيث يكون القصد وجود السمات الأساسية للمثال دون المطابقة المطلقة الممتنعة بمقتضى مفهوم المثال.
ولما كان مجال هذه المحاولات الموجهة لشباب الثورة لا يمكن من العلاج المستوفي بالشروط الأكاديمية المعتادة فإني سأكتفي بالنتائج الأساسية تاركا التعليل النسقي تحت تصرف القارئ الباحث من خلال الإشارة إلى المواضع التي سبق لي أن عالجت فيها هذه المواد. وتيسيرا للمسألة سأنطلق من فرضية الدولة التامة أعني التي تؤدي كل الوظائف التي تدرجت تاريخيا في النهوض بأعبائها. فهذه الوظائف هي السياسة بما هي وظائف وقانون وهي الدين بما هي غايات وأخلاق ويمكن قسمتها إلى صنفين: سياسي واجتماعي.

وظائف المجتمع السياسي
صنف يحدد خصائص صورة العمران وفيه خمس وظائف هي وظائف الحكم الحامي للجماعة أو ما يسمى في الاصطلاح الحديث بوزارات السيادة:
شرطا السلم الداخلية وهما: العدل تحديدا لمعايير الفصل في النزاعات بين المواطنين والداخلية تنفيذا لشروط الحصول ولتوالي الحكم مع خضوع الثانية للأول.
شرطا السلم الخارجية وهما: الدبلوماسية تحديدا لمعايير الفصل في النزاعات بين الدول والدفاع تنفيذا لشروط الحصول ولتوالي الحكم مع خضوع الثاني للأولى.
وأصلها هذه الوظائف جميعا هو إدراك السلطة الشرعية لحقائق ما يجري في الداخل والخارج وتفاعلها معه وتلك هي وظيفة الاستعلام والإعلام والأول يحدد المعلومة والثاني يستعملها في خدمة الغايات الأربع السابقة التي تجعل الأمة تتمتع بشروط الحياة الحرة والكريمة أمنا وأمانا. وهذه كلها يحددها القرآن دقيق التحديد في الكثير من سوره وخاصة في سورتي النساء ويوسف.

وظائف المجتمع المدني
صنف يحدد خصائص مادة العمران وفيه خمس وظائف هي وظائف الحكم الراعي أو ما ينبغي أن يسمى بوزارات الوفادة أو الإعالة اصطلاحا نضعه قيسا على وزارات السيادة:
شرطا الحياة البدنية: الرعاية الاجتماعية التي تحدد الحاجات المادية والإنتاج الاقتصادي الذي يسدها.
شرطا الحياة الروحية: الرعاية التربوية التي تحدد الحاجات الروحية والإنتاج الثقافي الذي يسدها.
أصلها هذه الوظائف جميعا هو إدراك التمثيل الشرعي للمجتمع المدني ما يجري في مجال حياة الجماعة وتفاعلها معه وتلك هي وظيفة البحث العلمي وتطبيقاته لتحقيق وسائل سد الحاجات المباشرة وغير المباشرة وهي في الحقيقة مصدر تحقيق الشروط التي تجعل الصنف الأول قابلة لتحقيق التعبير السوي عن الإرادة والقدرة شرطي الحرية والكرامة.

طبيعة نظام الحكم ذي الشرعية
فيكون الحاكم الشرعي الممثل لإرادة الجماعة بعقد البيعة الطوعية القابل للحل رئيس المكلفين بإدارة هذه الوظائف العشر التي يمكن أن يكون المكلفين بها وزراءه أي مساعديه. وبذلك تكون الحكومة مؤلفة من عشرة وزراء يرأسهم حاكم منتخب وهو الذي يعين الوزراء من الحزب الأغلبي ليكونوا ممثلين للقوة السياسية التي انتخبها الشعب لحكمه خلال المدة المحددة دستوريا بين لحظات حكم الشعب على نوابه أو ممثلي إرادته وحكمه. وكل ما عدا هذه الوظائف يعد فروعا عنها ومن ثم فالمكلفون بها ليسوا وزراء بل هم إما كتاب دولة أو مديرون عامون مختصون في هذه الفروع.

الوظائف الخدمية المتفرعة عن الحماية والرعاية
صنف شروط الحياة المضمونية وهي الخدمات التابعة لوظائف المجتمع المدني: أعني ما يضمن شروط البقاء الغذائي للبدن وتخص ما يستمد من الطبيعة إما مباشرة أو بتوسط فنون إنسانية والاستمرار التكويني للأفراد والمؤسسات التي تكون الإنسان ليكون قادرا على العيش المشترك وعلى التعاون من أجل سد الحاجات: الاقتصاد والثقافة.
وفيهما لا بد من العناية بالإنتاج والحفظ والتبادل والتعاوض والاستهلاك. وهذه فيها: أصحاب المبادرة الذين يبدعون المشاريع المنتجة والعمال الذي يحققون المنتج والمسيرون يشرفون على عملية الإنتاج والممولون الذي يجمعون الادخار والمستهلكون الذين يحركون آلة الإنتاج (السوق).
وصنف شروط الحياة الصورية وهي الخدمات التابعة لوظائف المجتمع السياسي أي شروط هذه الشروط التي تحقق شروط الوجود المشترك السلمي لأفراد الجماعة في الداخل وتحمي هذا الوجود من العدوان الخارجي من أجل تحقيق تلك الشروط تعاونا عليها وتقاسما لها وتعاوضا عادلا خلال ما يحصل من تبادل بينهم فيها بأفضل ما يمكن من شروط العدل والإنصاف: العدل والداخلية.
وصنف الحياة الصورية مضاعف لأن مصادر الحياة المستمدة من المعمورة وحاجة الجماعات للتعاون فيها مع حاجتها لحماية ذاتها وحماية مجالاتها الحيوية مصدرا لعيشها يفرضان التعامل مع غيرها مما هو من جنسها أي الجماعات الأخرى أو الخارج تعاملها مع الداخل للتصدي للصراع من أجل ثروات الأرض فيتولد صنف ثالث من وظائف الدولة: الدبلوماسة والدفاع.
وصنف الحياة المادية مضاعف كذلك لأن ضمانة السلمية في الوجود المشترك لأفراد الجماعة مجال تنافس وصراع لا يكفي فيه العدل والأمن بل لا بد فيه من تنظيم داخلي بوظائف فيه ألطف من الوظائف في العلاقة بالخارج: التربية والحكم.
وهذه هي وظائف الحماية وشروط التعاون والتبادل السلميين تحقيقا لأدوات سيادة الجماعة: 1-العدل 2-والداخلية 3-والدبلوماسية 4-والخارجية 5-ويوحدها الحكم بمعنى الصورة الشرعية مع أداتي الاستعلام والإعلام حتى يكون حكمه على علم.
أما وظائف الرعاية فهي متعلقة بشروطها المحققة لاستقلال الجماعة المادي والروحي تحقيقا لشروط سيادة الجماعة: 1-الاقتصاد 2-والاجتماع 3-والثقافة 4-والتربية 5-ويوحدها الحكم بمعنى المادة الفعلية مع أداتي البحث العلمي واستثماره حتى تكون الإعالة بعلم.
فيكون الحكم جامعا بين وظائف الحماية التي تمثل أدوات السيادة ووظائف الرعاية التي شروط السيادة: لذلك نلاحظ أن الأمم التابعة تكون فاقدة إما لأدوات السيادة أو لشروط السيادة أو لهما معا. والأربعة الأولى من الوظائف في الحالتين تتكامل زوجين اثنين زوجين إثنين فتكون النسب على النحو التالي:
العدل والداخلية متكاملان ثم الدبلوماسية والدفاع متكاملان ويوحد بينها الحكم السياسي الذي يعمل على علم أي بمنظومة الاستعلام والإعلام حتى يوفر حماية الجماعة ورعاية الشأن العام من حيث صورته وذلك هو جوهره باعتباره سلطة سياسية.
الاجتماع والاقتصاد متكاملان ثم التربية والثقافة متكاملتان ويوحد بينها أربعتها الحكم المجتمعي الذي يعمل بعلم أي بالبحث العلمي وتطبيقاته حتى يوفر شروط إعالة الجماعة ورعاية الشأن العام من حيث مادته وذلك هو جوهره باعتباره سلطة اجتماعية.

الفصل الواجب: بين السلطتين السياسية والمجتمعية
وإذا لم تستقل السلطة المجتمعية عن السلطة السياسية فإن الدولة تصبح بالضرورة دولة شمولية لأنها بذلك تسيطر على شروط قيام الإنسان وحاجاته المادية والروحية فيصبح المواطن تابعا لها تام التبعية. وإذا كانت هي بدورها تابعة فهو يصبح ذا تبعية مضافعة كالحال في كل الأقطار العربية. والحل يكون بالتمييز بين هذين النوعين من السلطة ومحاولة تحديد طبيعة العلاقات بينها حتى لا تكون علاقات صراع ولا علاقات تبعية. والدولة الحديثة بالجوهر دولة فاشية أو ديكتاتورية ولا فرق في ذلك بين الدولة الاشتراكية والدولة الرأسمالية إلا بفنيات تحقيق الشمولية: واحدة بصورة فجة وعنيفة والثانية بصورة مهذبة ولطيفة. والدولة العربية جمعت بين مفاسد النظامين لأن طابعها المافياوي هو الغالب والكلام عليها بوصفها دولة كذب محظ: ليس فيها من الدولة إلا الاسم.
ولهذه العلة كان المجتمع المدني في الحضارة العربية الإسلامية على الأقل في الواجب لا في الواقع مستقلا عن المجتمع السياسي تمام الاستقلال وكانت وظائفه التي وصفنا موضوع المبادرة المجتمعية لا السياسية بحل الأوقاف التي تعني بمانسبناه إلى السلطة المجتمعية حتى لا تتغول الدولة فتنعكس العلاقة مع المجتمع الذي يصبح تابعا لها بدلا من أن يكون هو المتبوع.
وقد كان ابن خلدون يحذر من تدخل الدولة في الاقتصاد وخاصة في التجارة لأنه أدرك ضرر ذلك ليس على الاقتصاد فحسب بل وكذلك على الحرية والكرامة ذلك أن الاقتصاد هو جوهر القدرة والكرامة هي جوهر الإرادة فإذا تدخلت الدولة في القدرة جعلت الإرادة وهما فيكون سلطان الدولة على الثروة وعلى القوة عين الاستبداد والفساد.لكن ذلك لا يعني أنها لا دور لها فيه بل دورها ألا تكون طرفا فيه بل محققا لشروط تحقيقه لوظائفه على أتم وجه بما تؤديه من خدمات الحماية والرعاية للجميع مع ترك حرية المبادرة وخاصة حرية الملكية التي هي أساس كل حياة حرة وكريمة.
ومن هنا ندرك العلاقة الواضحة بين هذا التصور للدولة ولعلاقتها بالمجتمع ودور المقاصد الضرورية الخمسة في تحديد دور المجتمع المدني: فهو الذي يحمي شروط الحياة الحرة والكريمة للمواطن أعني جوهر حقوق الإنسان المطابقة للمقاصد الشرعية: فمقصد المال أو حق الملكية ومقصد العقل أو حق الفكر ومقصد العرض أو حق الكرامة ومقصد الدين أو حق المعتقد ومقصد النفس أو حق الحياة تلك هي غايات الوجود الاجتماعي للإنسان والوجود السياسي لا يحقق ذلك إذا لم يكن الوجود الاجتماعي هو المتبوع لا التابع.
والوجود الاجتماعي لا يكون مستقلا إذا لم يكن مؤسسا على معتقدات يقدس لها ويعتبرها ما من دونه لا معنى للحياة. فيكون السياسي نظام الأدوات أي الدولة التي تكون في خدمة الحماية والرعاية ويكون الديني بهذا المعنى نظام الغايات الذي يؤمن به المجتمع المدني والذي يحقق حرية الإنسان وكرامته بما هو مواطن (بالمقابل مع الدولة) وبما هو منتسب إلى جماعة ذات قيام حر ومستقل (بالمقابل مع الدول الأخرى).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق