"نحن نناضل ضد الاحوان ومشتقاتهم النهضوية والسلفية للحيلولة دون فرض الشريعة الاسلامية".
ـــــــــــــــــــــ أيها الحمقى، انّ ما تسمّونه "الشريعة الاسلامية" ليس مجرّد عقيدة وطقوس كما تتوهّمون، اّنما النص القرآني مختلف تماما عن المسيحية، حيث اكتفى السيد المسيج عليه السلام بتنظيم علاقة المؤمن بخالقه المتعالي المفارق عبر تحريره من عبادة الامبراطور (le culte impérial ) دونما تدخل لتحرير البشر من طغيانه الأرضي عليهم، "اعطوا لله ما لله وما لقيصر لقيصر" وهو واقع ربما فرضته مركزية الامبراطورية
لكن النبي الأكرم محمد عليه السلام استكمل مهمة تحرير البشر من عبودية البشر والأوثان اذ لا اله الاّ الله
لكن القرآن الكريم تعدّى ذلك لرسم ملامح تنظيم حياة البشر في الدنيا عبر وضع حدّ لكل حاكم بأمر الاله أو أمر أي سلطة أخرى كما البابوية، آمرا الحاكم بالحكم بالعدل والقانون والشورى، وفرض على المحكومين الطاعة (الانضباط للقانون) مادام الحاكم منضبطا له، والاّ فهي الثورة عليه، وربما ساعدت حالة الفراغ السياسي في الجزيرة على تعميق مضامين وظائف الدين في القرآن الكريم.
كما أن الاسلام نصوصا وتجربة تاريخية وسردية متخيلة هو أسّ الثقافة القومية التي تشكل الشخصية القاعدية للعرب ليس المسلمين فقط منهم باعتباره يؤطر نمط عيش
وعليه كل خطاب يدّعي أو يخطط لاستبعاد الاسلام من سلطته على الفضاء العام هو كمن يخطط لاستئصال شعب من ثقافته وهذا لم يحدث في كل تجارب التحديث والتنوير الظافر في التاريخ شرقا وغربا
كما أن ألقائلين بهكذا تحديث كولونيالي اجتثاثي غير مدركين تعذر التحديث في ظل الهيمنة الكولونالية فالعولمية اذ ساعتها يعتصم المخضعون أكثر ساعتها بماضيهم وثقافتهم باعتباره آخر اركان المقاومة
ساعة تفهم هذه النخب المأزومة أن المعركة ليست في "تنصير" الاسلام أي تغيير جوهره قياسا على المسيحية باعتبارها دينا تبليغيا فقط ينظم العلاقة الميتافيزيقة العمودية بين العابد والمعبود
وساعة يدركون أن معركتنا مع التيارات الهووية ليست مع الاسلام تبليغا وتشريعا وانما مع حصيلة الاجتهاد التاريخي الذي خضع فيه أصحابه "السلف الصالح" الى النسق الثقافي لعصورهم ببراديغماته المعرفية، وأن اجتهاداتهم ليست حجة على القرآن وانما هو حجة عليها
ساعتها فقط لن يجدوا أنفسهم في مواجهة شعب يحمل في جيناته ما يجعله يلبّي كل نداء باسم الاسلام لكنه لا يحمل في عقله ما يجعله يفرّق بين ما يقال حقا وما يقال تهافتا باسمه
وساعة يتوصلون أنه لا تحديث ولا تنوير دون قرنه بمعارك التحرير وتقرير المصير، ستظل هذه النخب معاول هدم في عيون شعوب افتك منها كل شيئ حتى ماضيها يراد هدمه وتجريدها من كل شيئ
- الأمين البوعزيزي -
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق