Hot

الأحد، 15 يونيو 2014

كيف نفهم ما يجري في العراق - نبضة الحرب الثانية

abou-yaareb

أبو يعرب المرزوقي
تونس في 2014.06.15
تنبيه القاريء
هذا النص كتب في ماليزيا ونشر في القدس اللندنية في نهاية 2003 وهو ما يزال صالحا لفهم ما يجري حاليا لكونه يحعلل شروط الحسم المديد الذي يمكن أن يتألف من عدة نبضات ما نشهده الآن هو النبضة الثانية وقد تكون الحاسمة بإذن الله. وفيه محاولة لتحديد فلسفة الحرب الإسلامية التي تفسر الانتصار على الإمبراطورتين اللتين كانتا تحتلان ما يسمى اليوم بالوطن العربي: فارس وبيزنطة. كما يفسر الصمود أما امبراطوريتي استعماره في العصر الحديث والتمكن منهما: فرنسا وأنجلترا. وما نراه الآن يجري في الشام والعراق هو نهاية خطتهما لتقسم قلب الخلافة أعني خارطة سايكس بيكو. لذلك فيمكن اعتبار هذا البحث تطبيقا لهذه النظرية على الحرب العراقية التي ما تزال جارية إلى الآن وإن ضد أحد أذيال أمريكا: الاحتلال الإيراني للعراق والشام
البحث 
كيف صمد الشعب العراقي ( ويصمد لأن الحرب كما أسلفت في بحث سابق تبدأ فعلا بعد ما يبدو خسرانا للمعركة) رغم كل الحسابات المادية التي كان يمكن أن تؤدي للحسم الأمريكي في يوم على أقصى تقدير؟ وكيف يمكن أن نتوقع الحسم الذي قد يتطلب سنوات؟ يقتضي الجواب عملية مقارنة بالحروب العربية السابقة بداية من حرب 48 إلى حرب 72 لفهم التغير في العقيدة الحربية وتحديد الشروط المستقبلية لهزيمة أمريكا وتحقيق المناعة الإسلامية التي لا يمكن أن يهمزها مخلوق ليتحقق مقصود الدين الخاتم: فلا يمكن أن يكون الإسلام خاتما إذا كان قابلا للهزيمة على أيد بشرية تستبدله بعقيدة محرفة هي المسيحية الصهونية في ما يسميه الأمريكان الأرض الموعودة الثانية ( أمريكا ) التي ستسترد الأرض الموعودة الأولى ( إسرائيل).
كل الحروب التي خاضها العرب حديثا خسروها بما في ذلك حرب 72 لانهم خاضوها بمنطق العدو وبفكره دون شروطهما المادية والروحية. جيش ضد جيش مع محاولة حصر الفاعلية في أدوات الفعل المادية دون القدرة على شروط انتاجها واستعمالها. وكل المحللين الذين تمتليء بهم الشاشات يخطئون إذ يعتبرون الحرب الحالية حرب عصابات لعدم ملاحظتهم غياب مقومي هذا المفهوم:
1- فالمقوم السلبي منعدم: من شروط حرب العصابات عدم وجود دولة وجيش نظامي. فإذا وجدا يصبح هذا الشكل من الحرب رديفا لحرب لا يمكن أن توصف بكونها حرب عصابات بل جزء من المناورة التكتيكية.
2-والمقوم الإيجابي منعدم كذلك: فمن شروط حرب العصابات أن تكون بعد حصول الاحتلال وزوال الدولة التي تقود المقاومة وليس خلال عملية الغزو حيث لم تنته المقاومة للجيش النظامي.
والعلة في سوء التحليل أن استراتيجيينا وجنرالاتنا نسوا تاريخ الحروب الإسلامية ولم يقرأ أحد منهم أو لم يفهم الفصل الذي خصصه ابن خلدون لنظرية الحرب الإسلامية في المقدمة والتي اعتبرها نظرية صالحة بل هي متجاوزه لنظريات كلاوسفيتز كما بينا في غير موضع وخاصة في كتاب المقاومة (المتوسطية للنشر تونس).
مبادئ الفكر الاستراتيجي الإسلامية
ولنعد الآن إلى ارهاصات العودة إلى الفكر العسكري الإسلامي الذي يلخصه ابن خلدون في مبدأ استراتيجي أساسي استنتج منه قاعدتين اثنتين لا ثالث لهما. فأما المبدأ فهو مبدأ المفاضلة بين المناجزة (=الحرب الخاطفة) والمطاولة (=حرب الاستنزاف) بحسب طبيعة القوة عند كلا المتحاربين: فالقوي ماديا يختار المناجزة إذا كان ضعيفا روحيا والقوي روحيا يختار المطاولة إذا كان ضعيفا ماديا. ولما كان هذا المبدأ يتضمن مفهوم التصرف في مدة فعل الحرب فإنه يؤدي إلى قاعدتين تتعلقان بالنسبتين المادية والروحية بين الزمان والمكان. لذلك فالقاعدتان هما:
1-القاعدة الأولى: قاعدة روحية تعالج مشكلا ذا حل علمي ينتسب إلى علم الأخلاق الدينية ويحدد طبيعة الفاعلية في الحرب وفيها يضع ابن خلدون العلاقة الجوهرية بين البعد النفسي أو القوة الروحية والبعد التقني أو القوة المادية في الحرب.
2-القاعدة الثانية: قاعدة مادية تعالج مشكلا حله العلمي ينتسب إلى علم الفيزياء الرياضية ويحدد كيفية الفاعلية في الحرب وفيها يضع ابن خلدون مبدأ المزاوجة بين الحركة والسكون في قيادة المعارك وإيقاع الفعل فيها.
وحتى يتبين القاريء قصد ابن خلدون فلنوضح علاقته بمبادئ الحروب الإسلامية كما تعينت في المصدرين الأصلين. فالمبدأ الأول الذي حدده ابن خلدون مستمد من القرآن الكريم والحديث الشريف. ألم يعتبر القرآن الكريم المسلمين في بداية الرسالة أكثر قوة روحية منهم بعد ذلك بقليل فنزل بالنسبة العددية بين المسلمين والكفار في الحرب من نسبة واحد إلى عشرة في البداية إلى واحد إلى إثنين في الغاية؟ ألم يقل الرسول الكريم إنه قد نصر بالرعب مسيرة شهرين؟ وحصيلة القولين أن الفاعل في الحرب هو المزاوجة المناسبة لحال الأمة بين القوتين المادية والروحية وليس وجود إحداهما دون أخراهما: لذلك اعتبرنا الالتحام بين النهضة المادية والصحوة الروحية قد وفرت هذا المبدا في الحرب الحالية.
لكن كيفية العلم بهذه الفاعلية هي التي تحدد الفكر الاستراتيجي الإسلامي: كيف التصرف في الحركة والسكون في الحرب على العدو على المستوى الفيزيائي الطبيعي (سرعة الفعل وقوته) وعلى المستوى الخلقي الروحي (ثبات الفعل وأثره)؟ وجد الرسول الكريم أن الفكر العسكري عند عرب الجاهلية قد بقي فكر بدو رحل فاقدا لمبدأ المزاوجة بين الحركة والسكون سرعة وثباتا فجمع بين منطق الحركة التي تترجم في الحرب بالكر والفر ومنطق السكون المتمثل في ثبات القاعدة الثابتة ببعديها الروحي (عقيدة الأمة وتاريخها) والمادي (أرض الأمة وجغرافيتها) التي يكون منها الكر وإليها الفر خلال السلم قبل الحرب أعني دار الإسلام ذات الثغور التي ترهب الأعداء: وذلك هو معنى آية الردع التي تحدد مبدأين لإرهاب العدو هما:
1- مبدأ القوة عامة ويعني القوة الروحية ببعديها الخلقي والديني والقوة المادية ببعديها العلمي والاقتصادي
2- ثم مبدأ رباط الخيل ويعني القوة العسكرية خاصة وما تقتضيه من تقدم تقني واعداد للمدد المتواصل.
ولما كان ما يشترطه دوام الحركة وبقاؤها هو استعمال أدوات الردع التي تمكن من التحكم في علاقة فيزيائية بين المكان بالزمان بتحديد سرعة الفعل وقوته في نسبة بينهما تحقق الغرض في الفعل العسكري (مشكل فيزيائي رياضي) وعلاقة روحية بيهما بتحديد ثبات الفاعلين وأثر الفعل فيهم وبهم إلى أن تتحقق غاية الفعل (مشكل خلقي روحي), فإن حل هذه المعضلة يقتضي تحقيق ثورتين في الفكر العسكري كلتاهما ذات بعدين:
1-الأول فيزيائي رياضي للتحكم في سرعة الفعل وقوته الشارطتان لنجاعته وهما نسبة بين المكان ( الأين ) والزمان ( المتى ) الطبيعيين .
2- والثاني خلقي روحي للتحكم في عصبية الفعل الشارطة لثباته وأثره وهي كذلك نسبة بين المكان ( الجوار الذي هو نسبة نسبة لكونه بين أينين) والزمان ( الرحم الذي هو نسبة نسبة لكونه بين متيين ) الحضاريين.
والثورة الثانية أهم من الأولى لكونها تتعلق بالغايات في حين تتعلق الأولى بالأدوات لذلك قدم ابن خلدون العامل النفسي الروحي على العامل التجهيزي المادي في الحسم العسكري. لذلك فسنبدأ بها لتحديد بعديها فضلا عن كون ابن مخلدون يقدمها في تحليله لأسباب النصر في الحروب: 
1-فبعدها الأول يتمثل في جعل الامة كلها مرابطة واعتبار التربية العسكرية جزءا لا يتجزا من التربية الدينية حتى إن الرباط لحماية الثغور بات ذروة العبادة بل والتصوف. وبذلك فإن التوزيع على المكان قد ألغى مستعصيات المشكل الفيزيائي الرياضي إذ إن كل نقطة منه فيها من يحميها من أهلها إلى حين استكمال النفير لتحقيق بعد القوة بعد الحد من بعد السرعة: قضية الجوار التي تجعل كل المواطنين حماة لحيزهم بمقتضى عصبية الجوار والرحم المباشرين.
2-وبعدها الثاني يتمثل في جعل الحرب خارج دار الإسلام نقلا لهذا المنطق إلى ساحة المعركة: كل قبيلة عربية تنتقل انتقال وحدة حية بحميتها وحاميتها لتحمي مالها وعرضها ودينها ( المقاصد الغائية الثلاثة). وبذلك يكون الجندي مدافعا بعقله (اجتهاد) ونفسه (جهاد) (المقصدين اللذين يتحولان إلى أداة في الحرب رغم كونهما غايتين في السلم) عن أمر معين وليس عن مجردات ولعل أفضل مثال من ذلك مدينة القيروان في تونس ومدينة الفسطاط في مصر ومدينتا البصرة والكوفة في العراق. وقس عليها كل مدن الإسلام الأولى.
ويوحد بين بعدي الثورة الأولى طبيعة الواجب الجهادي في حياة المسلمين: فهو فرض ديني ليس فيه أكراه خارجي بل مصدره والباعث عليه الوحيد هو الإيمان: لذلك فالقيام به ينتسب إلى التطوع وليس الإكراه لكون المقاتل المكره أكثر خطرا على الدفاع من العدو المهاجم إذ قد تعتمد عليه في خطتك فيفسدها عليك بترك موقعه من حيث لا تعلم كما حدث في كل هزائمنا. ومعنى ذلك أن التربية الجهادية إلزامية بالمعنى المدني والقانوني للكلمة لكن المشاركة الجهادية في الحرب خاضعة للحافز المعنوي والديني دون أكراه.
من هنا كانت منزلة الشهادة أسمى المنازل الروحية في الحضارة الإسلامية مما يجعلها مطلوبة لذاتها وهو ما يغني عن الحاجة إلى الإكراه عليها. ولم ينحط دور الجهاد إلا منذ أن وقع الخلط بين الدفاع الجهادي الذي هو فرض عين وعلم الدفاع الجهادي الذي هو فرض كفاية ككل الحرف والصناعات فأصبحت حماية الأمة بيد جيش محترف تحول بالتدريج إلى مرتزقة وبات مصدر كل نكبات الأمة.
أما الثورة الثانية فبعداها هما مضمون أية الردع التي تحددهما بصورة صريحة عندما أشارت إلى القوة بصورة عامة ثم أردفتها برباط الخيل:
1-فالقوة عامة هي البعد الأول وهو يتعلق بأسباب المناعة ما كان منها غير مباشر أعني العلوم النظرية وتطبيقاتها والعلوم العملية وتطبيقاتها وما كان مباشرا أعني المناعة التقنية والاقتصادية (ثمرة العلوم النظرية وتطبيقاتها) والمناعة الخلقية والاجتماعية (ثمرة العلوم العملية وتطبيقاتها).
2-ورباط الخيل هو البعد الثاني ويتعلق بالقوة العسكرية رمزا إليها برأس حربتها لكون كتائب الفرسان هي الرمز لذروة القوة العسكرية في عصر نزول القرآن الكريم وهي من جنس الكتائب المدرعة والجوية في عصرنا.
ويجمع بين البعدين مبدأ جوهري يحدد فلسفة الدفاع الإسلامية التي تسعى إلى منع وقوع الحرب بارهاب العدو أو بالردع وهو ما يعيدنا إلى دلالة الشهادة بوصفها التضحية بالنفس تضحية لا تكون كما اتفق بل باعتبارها آخر ما يضحي به وباعتبار القيادة الإسلامية لا تكلف الإنسان فوق وسعه تحملا للألم وإقداما على الموت.
ومن ثم فالموت في الحرب لا يسمى شهادة بحق إلا عندما يكون المجتمع المسلم قد قام بكل ما ينبغي القيام به للدلالة على قيمة الحياة ومنزلة النفس بحماية المجاهد من الموت المجاني حتى تكون التضحية بالنفس آخر وسائل الدفاع إذ ليس بالصدفة أن جعل القرآن الكريم قتل نفس واحدة وإحياءها معادلا لقتل الناس جميعا وإحيائهم واعتبارها مركز المقاصد: فالعقل والمال قبلها والعرض والدين بعدها صفات لها ولا معنى لهما من دونها وهي لا تكون قابلة للشهادة من أجل الأولين إلا بحكم الأخيرين واعتبار المس بالخصائص الأربعة أفقادا للنفس معنى الحياة الحرة.
لذلك كان مفهوم الشهادة ومنزلة الشهيد في الإسلام أساس هاتين الثورتين والمبدإ الموحد بينهما: ففي زمن السلم يغلب على الشهادة معنى شهود الحق الذي هو جوهر الإيمان وذلك هو وجه الجهاد الإجتهادي ( عمل علمي ) أو التواصي بالحق من أجل تحقيق بداية التكليف أو المعرفة الحرة التي من دونها لا يكون التكليف ذا وجود: العقل الحر. أما في زمن الحرب فيغلب عليها معنى الموت في سبيل الله الذي هو وجه الاجتهاد الجهادي ( علم عملي ) أو التواصي بالصبر من أجل تحقيق غاية التكليف او العقيدة الحرة التي من دونها لا يكون التكليف ذا معنى: العقد الحر.
ولما كان الجمع العملياتي بين منطق الصفوف والكراديس الثابتة ومنطق الكر والفر المتحرك ومنطق الجمع التعبوي بين منطق السيطرة على المكان والزمان بالجوار والرحم من خلال جعل الأمة كلها مجندة والثغور كلها رباطات قد طبقا في غزوات الرسول الكريم تطبيقا حقق النصر على قبائل العرب (منطق الكر والفر حصرا) وعلى جنود الفرس والروم (منطق الكراديس الثابتة حصرا) فإن ذلك يقتضي مبدإين هما جوهر قيام الأمة حسب العقيدة الإسلامية.
فلا يمكن من دون جعل التواصي بالحق بين المؤمنين (جوهر الاجتهاد الذي هو غاية في السلم وأداة في الحرب: المشاورة) والتواصي بالصبر (جوهر الجهاد الذي هو غاية في السلم وأداة في الحرب: المصابرة) فرض عين أن يطمئن مركز الأمة لأطرافها في الوظيفة الجوهرية التي تحقق بقاء الأمة: رعاية الثغور مهمة الجميع بحسب الجوار والرحم الخاضعين لمنطق الأخوة الإسلامية وليست مهمة حاكم متجبر يصبح جيشه في أطراف الوطن جيش احتلال قد يجعل المواطنين يتشفون منه عند تعرضه لضربات العدو كما حصل في جل حقبات تاريخنا عندما كانت الجيوش حاميات مرتزقة تحمي الأنظمة ضد الشعوب لا الوطن ضد أعدائه فتكون العلاقة علاقة تناهب وتغاصب وليست علاقة تعارف وتآخ.
وهكذا ففكر المسلمين الاستراتيجي كما عرفه ابن خلدون قد حدد بعدا جديدا لحيز الفعل كان مجهولا. فإذا كانت العلاقة المادية بين المكان والزمان قابلة للرد إلى التحكم في سرعة الفعل العسكري وقوته من حيث دور وجهه المادي في الحسم العسكري (وللجغرافيا الطبيعية والحضرية والتقدم التقني هنا الدور الأول في تعقيد المشكل الطبيعي الرياضي الذي أشرنا إليه) فأن العلاقة الروحية بينهما قابلة للرد إلى التحكم في ثبات الفعل العسكري وأثره أو وقعه من حيث دور وجهه الروحي (وللتاريخ الطبيعي والحضاري والتقدم الخلقي هنا الدور الأول في تعقيد المشكل الخلقي الروحي الذي أشرنا إليه) لكونها ترد إلى العلاقة بين الجوار (المكان) والرحم (الزمان): وذلك ما يعنيه ابن خلدون بالعصبية المحمودة بخلاف العصبية المذمومة.
ورغم أن المقام لا يحتمل المزيد من التحليل فإن الصمود العسكري العربي والإسلامي الحالي والاستقبالي ينبغي أن يقرأ ويخطط له في ضوء هذه المبادئ إذا كنا نريد أن نربح الحرب الأولى والأخيرة للنصر على أعداء الإنسانية. فأسباب النصر فيها متوفرة بإذن الله وتوفيقه خاصة إذا فهمنا عقيدة الحرب الإسلامية التي تعالج القضية الفيزيائية الرياضية والقضية الخلقية الروحية فتمكن من التغلب على كل العقبات التي أدت إلى الهزائم المتكررة لجيوش لم تدرس منطق التاريخ الحربي الإسلامي ونظريته الخلدونية ولم تفهم استراتيجية القائد خالد بن الوليد هازم امبراطوريتي عصر الرسول.
ويكفي أن شعب العراق قد استطاع في هذه المعركة القصيرة في تاريخ الأمة العسكري تثبيت العدو في ساحة حرب بطول العراق وعرضه مفقدا إياه سرعة الحركة ما حوله من مهاجم إلى مدافع حتى نعلم أن إرهاصات الفكر العسكري الإسلامي بدأت تعود إلى الوجود: نصارع العدو بمنطقنا فنجعله يرد الفعل بدل الفعل بخلاف ما فعلت الجيوش العربية إلى حد الآن. نفرض عليه المنطق العربي الإسلامي الذي سينهكه ويستنزفه ويقضي عليه في الغاية.
ولا يهم من يربح المعركة الأولى المهم من يربح شروط نقلها من المناجرة إلى المطاولة فيتحكم في العلاقة بين المكان والزمان بالجوار والرحم ويحقق من ثم شروط ربح الحرب. بل الحرب قد ربحناها بعد, لأن أمريكا ستضطر إلى مضاعفة أعداد جندها يوما بعد يوم لتغطية ساحة المعركة الممتدة بامتداد رقعة العراق بعقلها ونفسها (المقصدين اللذين يتحولان إلى أداة) ومن ثم إلى مضاعفة الخسارة إلى أن يحصل لها في العراق ما حصل للاتحاد السوفياتي في افغانستان.
ولا يهم احتلال بعض العراق فهي تحتل جل البلاد العربية الأخرى بدون مقاومة بل وبطلب من حكامها. لكن مقاومة الاحتلال التي بدأت في العراق ستعم كل الوطن العربي. لن يستطيع الأمريكان أن يبقوا مستقبلا في أقطار الوطن العربي بقاءهم السابق. فشتان بين احتلال لم يسبقه دم لكونه ثمرة خيانة واحتلال تقدم عليه دم وثمن باهض: إنه بداية الجهاد بداية النصر الذي لا ريب فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق