Hot

الأحد، 3 مايو 2015

أذرع الاستعمار ضد الإسلام السني


أبو يعرب المرزوقي
تونس في 2015.05.02

1-سألنا أستاذنا عن مفارقة مضاعفة حيرتنا ولم نجد لها تفسيرا: كيف يمكن ليساري أن يحالف دولة قروسطية (إيران) ولقومي عربي أن يحالف صفوي؟
2-أجاب: هل هي مفارقة بحق أم هي لتصديقكم الغفل لأطراف العلاقة الثلاثة اليساري والقومي العربيين والإيراني الجامع بين التشيع والصفوية؟
3-تصدقون تشيع الصفوي ويسارية اليساري وقومية العربي ببراءة وتلك هي التي تبدو لي ممثلة للمفارقة. وعلى هذا سيدور الجواب الذي قد يزيل المفارقة.
4-ولنبدأ بالصفوي: كيف يكون محبا لآل البيت بسعي لهدم البيت نفسه؟استعادة الإمبراطورية يعني إلغاء الإسلام كله فيها بعد استعماله لاستعادتها.
5-فمن لم يفهم هذه العلاقة لايمكنه أن يتقدم في التحليل. لكن الأعمق من ذلك هو أن الباطنية من البدء تصورها للدين "فولتاري" أي إنها تعتبره مجرد أداة حكم للعامة. لذلك فاساس سياستها تجهيل العامة وجعلها دروايش تابعة لكنيستها.
6-كل مستعمل للتشيع من نخبه ملحد في الحقيقة حتى وإن كانت العامة غير دارية بذلك: ولهذا اعتبر الغزالي العامة بريئة وحمل المسؤولية للقيادات (فضائح الباطنية).
7-وهنا لا بد من إضافة أمر آخر نبه إليه الغزالي وغفل عنه علماء السنة: وهو أن نخب السنة أيضا مسؤولة عندما تعامل عامة الشيعة معاملتها للنخب التي تغرر بها أداة.
8-ولعل أكبر دليل على إلحاد نخب الشيعة أمران مع استعمال التشيع: 1-ففي الماضي كانت النخب تقول بالباطنية وتخفي إلحادها. وهي في الحاضر صارت شيوعية تباهي بتقدميتها.
9-وهي إذ تحافظ على زواج المتعة فليس ذلك انتقاما من الفاروق بل لأن ذلك جزء من شيوعية المرأة في النظرتين الباطنية والشيوعية وإن بغير وعي (والغريب أن زعماء الدعاية منهم يتهمون السنة بجهاد النكاح أعني بما هو عندهم نكاح بدون جهاد).
10-وختاما فالتشيع الصادق إن صح التعبير يحاربه أعداء محبي الرسول وآل بيته الصادقين:إ نه التشيع للإسلام وليس لمن يحاول تهديمه باستعمال أصل الفتنة وتوظيف رابع الخلفاء وذويه وهم أبرياء من ذلك.
11-أما اليساري العربي: فهو صنفان: الشيوعي والليبرالي وكلاهما يدعي العلمانية وهي منه براء لأن حلفه هو إما مع الكنسية الشيعية أو العسكرية (جماعة سرية تستعبد الشعب وتسخره لأهوائها). كلاهما مخلد إلى الأرض فلا الشيوعي يؤمن بمطلب العدل ولا الليبرالي يؤمن بمطلب الحرية . القيمه الوحيدة عندهما هي حصر الحرية في اتباع الغرائز البهيمية.
12-لذلك فلا تعجب إذا رأيتهم يتكلمون باسم العدل الاجتماعي والديموقراطية ويحالفون أذيال البرجوازية وأحذية العسكر متعيشين على الاستبداد والفساد
13-أما القومي العربي فهو جامع لرذائل النوعين السابقين. وهو كذلك صنفان: طائفي من شضايا الدولة الباطنية أو طائفي من بقايا الصليبية. بعبارة واحدة إنهما أعداء صلاح الدين والأمة.
14-طبعا فهذا من الأسرار التي لا يعلمها العامة من القوميين. فمنهم الصادقون. إنما هو فكر المؤسسين والمتحالفين حاليا مع بشار وإيران من زوار بلاتوهات الإعلام.
15-كيف يمكن لعاقل أن يفهم موقف قومي عربي يدافع عمن لا يخفي أنه يريد استرجاع الامبراطورية الفارسية أي إنه لا يؤمن بحرية العرب وكرامتهم ويسعى لردهم إلى ما كانوا عليه قبل فضل الله عليهم بالإسلام ؟
16-لكن لما تعلم أن نسبة العروبة إلى هؤلاء هي نسبة الإسلام إلى الصفوي أعني أن العروبة مثلها مثل الإسلام مجرد أداة للحكم ومغالطة الشعوب تفهم حقيقة الأمر.
17-فكلاهما كان غطاء لأجندات غادرة بالشعوب والأمة. والجامع بين المتنكرين بهما دعوى المقاومة ومحاربة إسرائيل. وجميعهم في خدمة سيدهم وسيد إسرائيل في آن.
18-وفضل الثورة أنها فضحت ذلك كله: ولهذه العلة فهم أعدى أعدائها وكادوا يوقعون بلد الحرمين وقياداته لولا فضل من الله ورحمة حصلت في التغيير السعيد وقدوم الملك الصالح والشباب إلى قيادته. وتعلمون أني بينت ذلك منذ أربعة عقود ولم أنتظر الثورة لأفهم استراتيجية القوميين واليساريين والصفويين.
19-وأوضح نص لي في ذلك هو بيان سخافات حسنين هيكل الذي يعتبر نفسه ليبراليا وقوميا وينافح عن إيران ويحارب الإسلام باستثناء توظيفه الصفوي. وفيه تجتمع عقد الصفوي والليبرالي والشيوعي والقومي أعني كل المنافقين في لحظتنا الراهنة.
20-فهو في فضيحته التي يسميها فلسفة الثورة-من مستوى الكتاب الأخضر لمن يسمونه أمين القومية-يعتبر العرب والمسلمين مجالا حيويا لمصر لا أمة: أي إن مصر الفرعونية استردت سلطانها عما حولها تماما كما يفكر الصفوي الذي يعتبر الكل في خدمة الإمبراطورية الصفوية.
21-وما يجعله هو وربه السيسي ينقمان على بروز من يريد أن يرجع للعرب كرامتهم وحريتهم فيقطع أذرع الصفوية في بلادهم هو ما بينته عاصفة الحزم: فهي قد أخرجتهم من اللعبة نهائيا خاصة وهم قد أفقدوا مصر كل دور بعد الثورة التي كان يمكن أن تجعلها من جديد قائدة النهضة العربية والإسلامية. كلما رايت السيسي وإعلامييه أعجب للدرك الذي آل إليه وضع مصر.
22-ولا ينبغي أن تتصوروا هذه الظاهرة مقصورة على المشرق العربي: فيساريو المغرب العربي وقوميوهم ومتشيعوهم هم أكثر الناس حقدا على الإسلام. ومن يريد أن يفهم المدى الذي يمكن ان يصل إليه الغباء والسخف فليسمح لمن يقدمون أنفسهم منهم بوصفهم مفكرين ونقاد ومبدعين.
23-لذلك تراهم جميعا يباشرون عملين عدوانيين لن يوقفهم عنهما إلا ذهاب الثورة إلى غايتها:1-يحالفون إيران وأذرعها 2-ويحالفون فرنسا وأذرعها. ولا يدرون أنهم بذلك يثبتون هذا الغباء والسخف لأن المستعمرين يعتبرونهم كلابا أو دون ذلك.
24-وحلفهم الأول مع إيران وأذرعها يجعلهم صراحة حلفاء السيسي وبشار وحفتر والحوثي وكل مستبد وفاسد يروج لذاته عند سادته بالحرب على الإسلام. فما رأيت أذل منهم لاهثين وراء فتات الموائد في مؤتمرات الملالي.
25-أما حلفهم مع فرنسا فله طريقان: بدايته هي الاستعمار الثقافي حربا على الإسلام والعروبة وغايته هي النزعات العرقية لتفتيت المغرب العربي. وهم أحقر من أن ينجحوا في ما فشل فيه الاستعمار هو ذاته فخرج مدحورا.
26-أما لاحظتم أني أجبت عن السؤال دون أن أشير إلى ضميره: فسؤالكم يضمر استغرابا أعمق ليس من "الحلف مع" بل من "الحلف ضد": لماذا هم يتحالفون ضد السنة؟ جوابي عن الوجه الثاني من السؤال حتى وإن لم يرد نصا فيه.
27-والجواب عن هذا الضمير هم يعلنونه ولا يخفونه رغم أنهم الآن مجرد أدوات في استراتيجية من لا يعتبر لهم وزنا لأنه يخاف ممن يوظفهم ضده ولا يقرأ لهم حسابا لأنهم مجرد أدوات حقيرة تشترى ككل العضاريت بالمآكل والمشرب ويمكن أن يستبدلهم في أي لحظة. وسيستغني عنهم لأن الخطة باءت بالفشل والاستعمار هزم في كل معركة خاضها ضد المسلمين سنتهم. والثورة لن تتوقف.
28-فالصفوي يعلن أنه يريد استرجاع ما يعتبر الإسلام السني قد أفقده إياه وذلك مستحيل بل هم سيبقون أذل مما كانوا: الإمبراطورية الفارسية انتهت إلى الأبد والثأر التاريخي من العرب أبعد منالا من أي وقت مضى (فهم أقوى شعوب الأمة وأغناهم واكثرة عدة وعددا ولن يبقوا متفرقين). أما استعمال أداتي تشويه الإسلام وتوظيفه فهو لم يعد ينطلي على أحد.
29-فتفهم حينئذ علة الحرب على الصديق والفاروق: فالأول أسس الدولة وقضى على فتنة تمزيق وحدة العرب اليافعة (حرب الردة) والثاني قضى على إمبراطوريتهم بحق (هزيمة الفرس في العراق).
30-واليساري الشيوعي لا يحارب الإسلام بوصفه دينا لأنه يهادن الأديان الأخرى بل هو في خدمتها. إنما هو يحاربه لعلتين: لأن الإسلام ألغى حجتهم ضد دعوى أفيون الشعوب ولأنه قضى على إمبراطوريتهم بحق.
31-فالإسلام ألغى حجتهم ضد الدين: ليس تعبدا ووعدا بنعيم مؤجل إلى الآخرة فحسب بل هو استراتيجية لتحقيق العدل والحرية والكرامة في الدنيا مطية للآخرة : الإنسان مستعمر في الأرض والحياة الدنيا ليست لعنة ومتعها المشروعة ليست جرما.
32-والإسلام كان الضربة القاضية التي اجهزت على امبراطورية الاتحاد السوفياتي في افغانستان حيث هزمت الشيوعية هزيمة لم تقم لها قائمة بعدها.
33-والليبرالي لا يمكن إلا أن يعادي الإسلام: لأن الإسلام لا يعارض الحريات التي هي جوهر الليبرالية المشروعة أي الليبرالية الاقتصادية والسياسية والعقدية. لكنه يمنع سلطان الغرائز والهوى اللذين هما أقصى ما يشرئب إليه الليبرالي العربي.
34-فإذا جمعت علل العداء عند الصفوي واليساري الماركسي واليساري الليبرالي وجدت أنهم يرفضون إصلاح القرآن لتحريفات الدين بصنفيه المعلومين الطبيعي والمنزل.
35-فتحريف الدين الطبيعي (المجوسية والبوذية) وتحريف الدين المنزل (اليهودية والمسيحية) أصلحهما الإسلام من حيث إفراطهما وتفريطهما بمبدأ التصديق والهيمنة: مبرهنا بذلك أنه معتن بالديني في كل دين أي بالقيم السامية التي يتطابق فيها العقل والنقل.
36-ومبدا التصديق والهيمنة القرآني هو الذي يعاديه هؤلاء الناكصون للتحريف الطبيعي والمنزل والمعادون للإسلام لأنهم لايؤمنون بثورتي الإسلام الرياديتين.
37-الثورة الأولى حددتها الآية الأولى من النساء: إزالة العنصرية وتعويضها بمبدأ الأخوة البشرية والتمييز بين قانون الضرورة وقانون الحرية.
38-فقانون الضرورة (مستوى الربوبية) يجعل البشر أخوة عضويا. لكنهم لن يصبحوا أخوة خلقيا إلا بقانون الحرية (مستوى الألوهية):وتلك هي الرسالة.
39-والثورة الثانية هي ثورة حصر التفاضل بين البشر بـالتقوى لا غير: الآية 13 من الحجرات. ما يعني أن القرآن لا يكتفي بنفي العنصرية بل ينفي الطبقية: العدل (وذلك ما حير هيجل في الإسلام).
40-لذلك فلا يمكن للعنصري والمستبد والفاسد إلا أن يعادي الإسلام وخاصة في مرحلة الاستئناف التي تحرر الإنسانية من الانحطاطين الذاتي والمستورد: مرحلة الثورة الحالية التي جمعت بين التحرر من الاستبداد والفساد والتحرير من الاستعمار وأذياله.
41-آمل أن أكون قد أجبتكم بما يلغي المفارقة أولا وبما يبرز علة ضمير المواقف من الإسلام السني عند الصفوي واليساري الشيوعي والليبرالي:تحريف ديني وفلسفي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق