Hot

الخميس، 25 يوليو 2013

الآن حصحص الحق - أبو يعرب المرزوقي


منزل بورقيبة في 24 - 07 - 2013

دعا السيسي في خطابه اليوم شعب مصر العظيم إلى الفتنة. فكان ذلك البرهان الحاسم على الخيانة والمؤامرة. وهو يظن أن الحرب الأهلية التي دعا إليها ستحمي انقلابه والعملاء الذين يساندونه فيصبحوا قادرين على الصمود أمام فزة شرفاء مصر. لذلك فالواجب على كل شريف أن يحي شعب مصر العظيم وأن يترحم على شهداء الميادين سادة وسيدات وأن يعتبر نفسه جنديا في هذه المعركة الحاسمة في تاريخنا الحديث. 

وينبغي ألا نعجب من المشنعين على مسطري ملحمة الاستئناف التاريخي العربي خاصة والإسلامي عامة تشنيعا يقلب كل الحقائق إذ يقتل الصامدون في الميادين ويتهمون بالإرهاب ممن لم تمس منهم شعرة. لكنهم سيهزمون حتما بإعلامهم وبلطجيتهم وبعض الخونة من قيادات الجيش والأمن. فبقيادة لها كل هذه الغباوة لن يكون مصيرهم إلا بين اثنتين: 

فإما أن يهزموا في مصر وكفى الله شر القتال وهذا شبه مؤكد وهو ما يمكن أن يقلل كلفة المعركة التي لا بد فيها من انتصار نهضة العرب والمسلمين والخروج من عهد الفاشيات والحكومات العسكرية التي رأينا ما أحدثته من دمار في جل أقطار الوطن.

وإما أن المعركة ستعم أقطار الربيع العربي المتجاورة الثلاثة على الأقل فتكون بداية وحدتها التحريرية الحقيقة ومن ثم التأسيس الملحمي لنواة الأمة القادرة التي ستحرر كل الأقطار العربية الأخرى لتعيد الأمة إلى دورها التاريخي في قلب العالم. 

فاطمأنوا أيها الشباب المجاهد لأن النصر آت لا ريب فيه. فما ترونه من العملاء الآن يا شبان الثورة وشاباتها رأينا مثله وأكثر قبلكم نحن الذين عاصرنا حروب التحرير رأيناه من آبائهم وأشباه آبائهم: فهم أبناء عملاء الاستعمار وأحفادهم وأبناء كل المستعمرين ذهنيا وروحيا أو الطامحين للتشبه بهم تحقيقا لغاية العبودية عبودية المغلوبين روحيا ووجوديا. 

فالاستعمار لما تبين له قرب الهزيمة على أيدي الأبطال الذين حاربوه وهم جميعا من الإسلاميين بمعنى المؤمنين بالانتساب إلى أمة الإسلام والساعين إلى تحريرها ممن كانوا لا يرون فيه إلا مواصل حروب الصليب تحالف مع عملائه-وهذه تجربة المغرب العربي وقد خادعوا شعوبهم فاستعملوا الخطاب الإسلامي للاندساس في المقاومة حتى ينقضوا عليها بمساعدة المستعمر-لينوبهم في إتمام مهمته الساعية لمسخ روح الأمة عله يحقق بذلك آخرة مراحل الانتصار في الحرب على المسلمين: الهزيمة الروحية المتمثلة في التخلي عن الحصانة الذاتية وتقمص نموذجه نهاية حتمية في التبعية الروحية (المرحلة الأخيرة من مراحل الحرب حسب نظرية كلاوسفيتس الاستراتيجية: الجيش فالأرض فالروح).

أما سلوكه في المشرق العربي لتحقيق نفس الغاية فكان عن طريق الانقلابات العسكرية التي أعطت الحكم للأقليات العميلة وخاصة في الشام وحتى في العراق أو من المنبهرين بالخواجات كما في مصر الخمسينات أعني النخب العميلة التي تعادي الإسلام والمسلمين ويحولون دونهم واستئناف رسالتهم في التاريخ الحديث. فكان استعمال القومية العربية وجعلها صراحة معادية للإسلام حصان طروادة لإدخال الفوضى في روح الأمة و الدفع بها في الطرق المسدودة الحائلة دون كل تطور حضاري الذي يتنافى مع الفاشية العسكرية التي يريدون إبقاء العرب خاضعين لها في المشرق والمغرب على حد سواء.

لذلك فميادين مصر وكل من يوجد فيها لمقاومة الانقلاب والدفاع عن الدولة المدنية والشرعية الدستورية يمثلون المعركة الحاسمة لتحديد رسالة الربيع العربي وقياداته (الأمرين اللذين ما كانا ليتبينا لولا هذا الانقلاب الذي سبق أن قلنا إنه علينا أن نشكر أعداء الثورة عليه). وتلك هي العلامة الصادقة على استعادة المبادرة التاريخية بعد أن أتمت الأمة شرط شروط إحياء الحصانة الروحية: إحياء يتضمن بالضرورة المشترك الكوني من القيم التي تقوم بها كل حضارة وتتجاوزها بفضل تحريرها من توظيفها الاستعماري. 

وشاهد هذا التوظيف هو هذه النخب العميلة التي هاجر بعضها معه عند جلائه وبقي بعضها الآخر. ويكفي أن تسمع ما في خطابهم من كراهية بلغ حد العنصرية وحرب على الهوية لكأن الإسلامي ليس من أهل البلاد فتسمح بعض المتفيقهات مفاخرات بأنهن قد قلن إنهم ينبغي أن يرحلوا والبعض الآخر يصفهم بكونهم جرذان وكلاب. 

لكنهم بفعلهم هذا مازوا أنفسهم فباتوا هم الغرباء بإطلاق في أوطاننا تماما كما حصل في أكثر من بلد عربي عندما انحازت بقايا الحروب الصليبية للاستعمار لما حل ببلداننا لظنهم أنه مخلد فيها واضطروا للجلاء معه لما هزم في أكثر من معركة. والمعركة الجارية حاليا هي الحاسمة. لذلك فقد كان من الواجب أن تحدث في مصر حتى وإن كانت شرارتها قد حدثت في عاصمة الفتح في الغرب الإسلامي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق