Hot

الثلاثاء، 30 يونيو 2015

هل رئيس الحكومة يحكم؟


أبو يعرب المرزوقي
تونس في 2015.06.29

1-ما لرئيس الحكومة التونسية الأستاذ الصيد! لم أعد أفهمه: تزاملنا في ديوان أول رئيس حكومة منتخبة للثورة التي كان فيها وزيرا مستشار للامن وأنا للتربية والثقافة.
2-هل هو يحكم حقا بوصفه رئيس الحكومة في نظام برلماني المسؤول الوحيد عن السلطة التنفيذية (في السياسة الداخلية كلها)؟ فقد عرفته ذا فطنة وروية. لم الأمور تجري برئاسته بهذا النحو من التسيب واتباع استراتيجية تؤدي إلى عكس المطلوب؟
3-أم ترى المطلوب-ممن اختاروه- هو هذا التسيب بسبب معركة الخلافة في النداء وفي رئاسة الدولة وبسبب وضع الرئيس السني والصحي كما في أيام بورقيبة الأخيرة؟
4-هل ما كان يحدثني عنه من شروط قيادة الحكومات بحزم أمر يؤمن به؟ فلماذا لا يطبقه وهو الآن رئيس الحكومة وليس مجرد مستشار لمستشاري قرطاج الذين فرضوا تركيبة الحكومة ؟
5-وبصففته خبيرا في الأمن-إذ كان وزير داخلية-ومستشار الأمن في حكومة الأستاذ الجبالي-من المفروض أن يكون أعلم مني بأن غلق المساجد وحظر الأحزاب قرار غير حكيم وفاقد لكل فاعلية لعلتين.
6-فغلق المساجد بسبب ما يزعم من عدم سيطرة عليها-بمعنى وجود بعض المتنطعين- سيضاعف عددهم إذ ليس كل المصلين من جنسهم ويحرم الدولة من الاطلاع بنقص المعلومة شرط كل أمن ذكي.
7-وحظر الأحزاب تبرير لشرعية انتقال المعارضة من العلنية إلى السرية بعد منع المعارضة العلنية التي هي السر في الحاجة إلى تعدد الإحزاب فضلا عن فقدان شرط الاطلاع الممكن من شروط الأمن الجمهوري.
8-فوهم تحقيق الأمن بالإجراءات الأمنية العنيفة من افسد السياسات. فالأمني فني في الامن لكنه ليس سياسيا فيه. لذلك حتى بالعامية السياسة تقابل القوة والأمن مشروط بشعور الاطمئنان لحكمة القرارات.
9-لا أفهم كيف يمكن لحكومة تدعي أنها في حرب على الإرهاب أن تتكون من إرهابيين بالقوة وإن بالمعنى الرمزي: فكل وزير استئصالي بالقوة إرهابي بالقوة بل أكثر منذل هو بمواقفه مولد للإرهاب رد فعل.
10-كيف لحكومة تريد محاربة آفة عالمية باعتقاد لدى صقور الحزب الذي تحكم باسمه يعتبر غالبية الشعب إرهابي وثقافته هي ما ينبغي تجفيفها لأنها منبع الإرهاب.
11-إذا كان إعلام الحزب الحاكم وخبراؤه وصقوره يعتبرون الحرب على الإرهاب مشروطة بتطهير الشعب من معتقداته وثقافته فالهزيمة في هذه المعركة باتت حتمية إذ لا توجد حكومة في العالم قادرة على هزيمة ثقافة الشعب مهما عنفته بل هي بذلك تزيد إصراره على التشبث بها.
12-وحسب معرفتي ـبالرجل فإنه يوجد بين اثنتين: 1-إما أن كلامه معي في كيفية إدارة دفة الحكم كان نفاقا تاما وهو ما لا أرجحه 2-أو أن الرجل وقع في فخ وعليه الخروج بموقف صريح يجعله قائدا للتدارك.
13-ذلك أن اتجاه الأحداث ذاهب بنسق سريع بسبب معركة الخلافة في الحزب وفي الرئاسة إلى الأسلوب الذي يرغب فيه اليسار الاستئصالي: انقلاب بطريقة السيسي.
14-لكن جيشنا ليس فيه خونة -على الأقل حسب الظاهر-مثل الجيش المصري الذي اخترقته الصهيونية. وإذن فالانقلاب سيكون علي الجيش والأمن وليس بهما.
15-كيف ذلك؟ بطريقتين: أولاهما بدأت وهي الفوضى في الشارع (الاضرابات وتعطيل كل عمل) والثانية قد تكون من مسرعات الأحداث وتتمثل في الاختراق المافيوزي للمصالح الأساسية للأمن والإدارة والجيش لمنع تتبع المفسدين والمهربين.
16-ولا مخرج من هذا السناريو إلا بقيادة حازمة تبين معدن رجال الدولة. والسيد رئيس الحكومة يمكن أن يكون بحق زعيم وحدة وطنية فيعتمد على المخلصين من القوى السياسية التي لا يخلو منها البلد.
17-وهو يعرفهم لكونه على اطلاع على أسرار الدولة بصفتيه وزيرا للداخلية وقبلها من أهم كوادرها: المعارضة الجدية في عهد ابن علي وهم من الدساترة والإسلاميين وبعض الديموقراطيين ممن كانون منبوذين في عهد بورقيبة وابن علي.
18-والثابت أنه سيجد في الجيش والأمن والإدارة وبين النخب السياسية والاقتصادية والتربوية والثقافية والاجتماعية من يتجند لمنع "سيسسة" تونس.
19-أما إذا بقي مستسلما لمجرى الأحداث التي تبين اتجاهها بسبب معركة الخلافة فإنه سيكون مجرد شاهد على جريمة خطيرة على الوطن والثورة لا اظنه طرفا فيها لكنه لا يكون قد قام بما ينبغي لمنعها قبل فوات الأوان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق