أبو يعرب المرزوقي
تونس في 2015.10.31
1-يوم الاثنين المقبل نعلم مآل الموقف التركي. فهل يقدم العرب فيعترفوا بأنهم يخوضون حربين في آن:أهلية وخارجية حتى يتضح الصفان فيصح البناء؟
2-والحرب الأهلية العربية متشاجنة:1-بين الأنظمة 2-بين حركات المقاومة.من هنا أربعة صفوف مختلفة بعضها مع العدو الخارجي علنا أو سرا.الفرز؟
3-والأنظمة التي حددت العدو الخارجي يمكن ان تجعل الحرب الخارجية علة لتوحيد الصف الداخلي قدر المستطاع. وهذا يقتضي التعامل مع المقاومات حتى ما اعتبر منها معاديا على الأقل لحصر طبيعة العداء والحد من غلوائه.
4-فمن يقبل الدخول في هدنة لتأجيل الحرب الأهلية لمقاومة العدو الخارجي يمكن أن يعزز الصف ومن يرفض يعلم بأنه من صف العدو فيعامل مثله بوضوح.
5-ولست ادري ما المانع من ذلك والدبلوماسية تحاور حتى اشد الأعداء في حالات الحرب الخارجية فكيف لا تحاوز في الحرب الأهلية الجارية مع الحرب الخارجية؟
6-وللحوار مغريات تمكن من إنجاحه: فالسماع للناقمين يمكن أن يخفف من النقمة فيتحقق الصلح في المستويين: توحيد المقاومة والتعاون مع الانظمة وهما يمثلان الشرط الأساسي في تحقيق النصر.
7-فاستراتيجية أمريكا الحالية تحدد الأعداء بوضوح: هم من تساعدهم أو تحميهم أي 1-الحشد الشعبي الطائفي 2-والاكراد المتواطئين مع النظام 3-وإيران ومليشياتها العربية 4-وبشار واجهزته 5- واختراقاتها للمقاومة المشوهة لها وللإسلام.
8-والعنصر الاخير-الاختراقات المشوهة للمقاومة- لا ينبغي أن يجعلنا نترك لها المقاومة بسبب تشويهات الاختراق الأمريكي والإيراني والإسرائيلي لبعض عناصر فصائلها المنفلتة.
9-لكن توحيد المقاومة والصلح مع الصادقين فيها يقتضي إصلاحا يلغي أسباب نقمتهم على الأنظمة فيحقق شروط تبريد الحرب الأهلية للتفرع للحرب مع العدو الخارجي.
10-وطبعا يمكن أن يكون ذلك في شكل تحالف أن لم يكن في شكل توحيد للأنظمة وحركات المقاومة حتى تتخلى عن الحرب الاهلية وتتفرغ للحرب الخارجية دون أن يساورها الشك حول نوايا الغدر بها لاحقا ( مثلما يبدو حاصلا في تعز).
11-وهذا يقتضي تحديد خطة تقنع الجميع بأنهم جميعا مستهدفون وبأن العدو يوظف الخلافات الداخلية لقضاء حاجته لا لأجلهم وهذا يبدأ بنقد الأنظمة الذاتي وتخليها عن الاستفراد بالشأن العام لكأنهم طبقة هندية ثابتة من خارج الشعب.
12-هذا سياسيا أما ماليا وعسكريا فالأمر بسيط لأنه يترتب على الحل السياسي المقترح: لا يمكن أن تطلب من المقاومة أن تهزم معك العدو لكي تكون المستفيد الوحيد من النصر وبلا مقابل سياسي واجتماعي في الحقوق والمنازل.
13-لكن إذا أنت وافقت على ما تريده الحركة الدبلوماسية الحالية بمناورات بينة: فرض وصاية على الهلال لتنصيب أنظمة تستثني المقاومة التي لا يرضى عنها الغرب.
14-فلكأنك قلت للمقاومة قاومي ثم تنحي لكي يحصل ما حصل في حرب الاستقلال في المغرب العربي: المقاومة كانت إسلامية والحكم أخذه عملاء فرنسا فكادوا يحققون ما عجز عن الاستعمار لولا مقاومة الإسلاميين والثورة: الغزو الثقافي وتخريب مقومات الهوية.
15-يكفي أن تضمن تركيا والسعودية وقطر-وهذا كاف وزيادة ولا حاجة للعربان الآخرين-للمقاومة حقها في تقرير المصير بعد التحرير ليحصل ما طلبت: فالمقاومون لا يسعون إلا لمجد الأمة وكرامتها.
16-أما إذا قبلت تركيا والسعودية وقطر ما يخطط له الغرب وذراعيه وروسيا من دعوى تنصيب العلمانيين والاقليات فلكأننا ضاعفنا قوة بشار وإيران وجماعتهما فأضفينا على دورهم شرعية دولية.
17-ولما كانت المقاومة الجدية سترفض ذلك وستواصل القتال فإن ذلك يعني أن الثالوث الممثل لمصلحة الأمة قد قبل بالوقوع في فخ حرب اهلية دائمة.
18-تكل هي خطة الغرب وذراعيه ومليشياته ومعهم روسيا. لكن إذا قابلناهم بما ذكرت فإن هزيمتهم ستحصل بسرعة بمجرد تسليح المقاومة لحمايتها جويا إذا كان الثالوث ذا سيادة تحرره من الحظر الأمريكي.
19-عندئذ سيركع الجميع للحلف العربي التركي ومعهم المقاومة التي تمت طمأنتها على المستقبل لئلا يغدر بها كما حصل في افغانستان وفي البلقان.
20-واعتقادي الراسخ أن ذلك ليس منه بد: لا خيار للسعودية وتركيا وقطر إلا هذا الحل لأنه في خلافه سيكون الدور عليهم هم بعد الشام والعراق.
21-وهذا الحل يقتضي أمرين: دبلوماسيا مبادلة الغرب نفس المناورات والخداع وعسكريا تسليح المقاومة فالغرب لن يستطيع شيءا إذا راي حزما حقيقيا.
22-بل الغرب عندئذ سيفكر مليا في الخطر الحقيقي على مصالحه:هو يظن أن مصالحه محفوظة ما دامت الانظمة خاضعة لسلطانه.لكن إذا حزمت وعزمت سيخاف فيجنح إلى السلم.
23-وفي الأخير فإن عدم الإقدام في الإبان هو الذي يؤدي إلى الهزائم: الآن إيران وروسيا في أزمة اقتصادية خانقة ولا يمكنهما الصمود أمام العزم والصبر.
24-لا تتركوا لهما فرصة عودة أسعار البترول والتعافي من الحصار. الآن ينبغي الحسم في ساحة القتال بسواعد المقاومة التي تتحد يقينا بما ذكرت.
25-وأختم بالسؤال التالي: هل القرارات تطبخ بالاعتماد على التحليل الاستراتيجي أم هي ردود فعل يوما بيوم ككل سياسة مرتجلة لا تذهب بعيدا؟
26-وهل وراء الفعل السياسي منطق الاستراتيجي بمنطق "اعقلها وتوكل" أم هو بمنطق الإهمال والفزات البدائية التي لا تنفر إلا عندما يشتد الخناق تجاهلا للآية 60 من الأنفال؟
27-كلما رأيت الدعاة والمواطنين يكثرون من الدعاء أضع يدي على قلبي لأن ذلك ليس من علامات الإيمان دائما بل هو في الغالب من علامات الضعف والخوف ليس من الله بل ممن لم نستعد لهم بمنطق الردع.
28-لا يمكن أن تساعد أهل سوريا والعراق ومصر وفلسطين بالتضرع وأنت لم تفعل شيئا قبل أن يصلوا إلى ما هم فيه وما بات يتهددك أنت بدورك بعدهم لأنك أنت الغنيمة الأساسية.
29-ومن الطبيعي أن يسأل المرء هذه الأسئلة لأنه لا يرى مؤسسات تعمل لا في السر ولا في العلن لوضع شروط القوة التي هي ليست سحرا ولا علما لدنيا بل هي علم وعمل على علم بشروط النصر التي حددتها الآية 60 من الأنفال.
30-وهذا لا يقدر عليه إلا الدول ذات المؤسسات الخمس التي يكون فيها السلطان الأول والأخير للعقل والإيمان : مؤسستا الحماية الداخلية (القضاء والأمن) ومؤسستا الخارجية (الدبلوماسية والدفاع) ومؤسسة عملها جميعا على علم أو مؤسسة الاستعلام والإعلام السياسي الذي يراقبها حتى تكون عادلة وناجعة وحاصلة شروط الحمايتين.
31-لكن الدول لا تكون كذلك إلا إذا كانت مؤسسات المجتمع الخمس تعمل بصورة مبدعة ومنتجة لأن السلطان فيها للعقل والإيمان : مؤسستا التكوين (التربية والمجتمع المدني) ومؤسستا التموين (الثقافة والاقتصاد) ومؤسسة عملها جميعا على علم أو مؤسسة الاستعلام والإعلام المعرفي أو البحث العلمي النظري والتطبيقي.
32-ذلك هو معنى الدستور القرآني إذا بحق صادقين في استعمال هذا الشعار. ما عدا ذلك إيهام بتطبيق الإسلام واستسلام للحماية الأجنبية لفقدان الحزم والعزم والعقل ولعدم العمل بالعقل والإيمان.
33-وإذا تم العمل بالدستور القرآني بهذا المعنى الذي هو أساس المناعة المادية والحصانة الروحية بات الكلام على التحديث فاقدا لمعناه لأن شروط البقاء تعني التجدد الدائم في الوسائل مع ثبات الغايات التي هي عقلا ونقلا قيم كرامة الإنسان وحريته لئلا يعبد إلا الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق