Hot

‏إظهار الرسائل ذات التسميات مهدي جمعة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مهدي جمعة. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 5 سبتمبر 2014

الأسباب الخفية لمغادرة مهدي جمعة بعد الإنتخابات

سبتمبر 05, 2014 0
mahdi-jomaa

تساؤلات حول طبيعة و توقيت التصريح وتزامنه مع زيارة وفد الكونغرس
ما هي خلفيات تأكيد مهدي جمعة أنه لن يقبل بتكليفه برئاسة الحكومة القادمة؟

أكد رئيس الحكومة المؤقتة مهدي جمعة انه لن يقبل بتكليفه رئيساً للحكومة بعد الانتخابات قائلاً “كلفت مرة ولن أقبل بتكليفي مرة ثانية”.، ولكن ما الأسباب و ما هي الدلالات الزمنية والسياسية للتصريح، وما هي اهم الضغوطات منذ 29 يناير الماضي؟ حتى يصل في الأخير التأكيد الجازم…

مضمون التصريح والأسباب المُعلنة
شدد جمعة في تصريحه لوكالة الانباء التونسية أول أمس الأربعاء، أنه من غير الوارد ان يواصل كرئيس حكومة مؤكداً ضرورة خلق تقاليد لاستمرارية الدولة وتكريس مبدأ التداول على السلطة مؤكدا أن “الحكام عابرون والدولة باقية موضحاً انه جاء إلى تونس من أجل مهمة واضحة…”، وبيّن انه وفريقه الحكومي يعمل على تكريس مبدأ استمرارية الدولة من خلال وضع القواعد والأسس للمشروع الوطني المراد بناؤه ويهيئ للحكومة القادمة أرضية ملائمة للعمل وبرامج مدروسة قابلة للتطبيق على أرض الواقع، كما أوضح ان رفضه لفكرة إعادة تكليفه مردّه انه شخص مستقل وان التونسيين سينتخبون أحزاباً على أساس برامج سيتولى تطبيقها من سيصل إلى الحكم بالاعتماد على فرق ومجموعات يختارها الائتلاف أو الأحزاب الفائزة في الانتخابات المقبلة، مبرزاً انه لا يمكن أن يكون إلا مسؤولاً عن فريقه الخاص.

الأسباب غير المُعلنة والدلالات السياسية والزمنية
+ اثناء جلسات الحوار الوطني تم إقرار ان لا يترشح أعضاء الحكومة الحالية لأي منصب، بل وتم التأكيد ان مهمتهم تنتهي عمليا بانتهاء المرحلة الانتقالية، وتم تحديد مهام الحكومة بثلاث نقاط أساسية (للانتخابات –الأمن – تحسين الاقتصاد)، والواضح ان جمعة اقتنع بان حكومته لم تضف شيئا يذكر مقارنة بالحكومات السابقة باستثناء هدوء التجاذبات السياسية، وهو ما جعله يركز في تصريحاته على المسار الانتخابي، وهو ما أكده خلال ندوة الولاة، وهو ما يعني الرغبة في الخروج…
+ من الواضح منذ مدة، أن بقاء جمعة مرتبط بحصول تقارب في نتائج الحزبين الاولين أي على الاقرب النهضة و النداء، وهو احتمال اصبح مستبعدا في ظل الوضع التنظيمي لنداء تونس(خلافات وصراعات و تواتر الاستقالات) واجماع المتابعين ان النهضة ستتحصل على اغلبية مريحة نسبيا، وهو ما يعني ان جمعة لن يكون رئيس الحكومة القادم، وهو ما يؤكده تغليب النهضة لخيار رئيس حكومة سياسي مع وزراء تغلب عليهم الاستقلالية مقارنة بطرح رئيس حكومة مستقل ووزراء يغلب عليهم الانتماء الحزبي وهو ما أشار اليه جمعة ضمنا، وقال انه لن يقبله ايضا…
+ توضح لجمعة من موقعه ان النهضة مصرة على انجاح مبادرة الرئيس التوافقي، وهنا توجد فرضيتان بغض النظر عن نجاح المبادرة:
الأولى انها ستراهن على رئاسة الحكومة تحت لافتة يرفعها الشيخ الغنوشي وهي “لا لأكثر من رئاستين في حد أقصى”، وهي ضمن قناعة يؤمن بها الرجل منذ التسعينات تحت مبدأ “المشاركة لا المغالبة…”
الثانية ورغم انها مستبعدة جدا، هو أن جمعة قد يكون المرشح الوفاقي، بل ربما وقعت بعض الترتيبات لذلك، ويكون تصريحه هذا خطوة أولية …
+ بعد اكثر من 200 يوم من عمر حكومته اكتشف جمعة هول المسؤولية وان رئيس الحكومة لابد ان يكون مُسنود سياسيا كما اكتشف ارث العقود الست من الاستبداد و ان الترويكا ليست فاشلة كما روج خصومها بل أن الرجل اكتشف طبيعة النخبة السياسية، و أيضا ثقل الملفات الاقتصادية والاجتماعية واكتشف ان المنظمات الاجتماعية تخلت عنه سريعا وانها لن تسمح بالهدنة الاجتماعية لاحقا، بل وانها جزء من المشكل لطبيعة مطالبها …
+ جاء تأكيد جمعة بعد عدد من التطورات دوليا وإقليميا في العلاقة مع الداخل التونسي حيث ان التطورات في ليبيا تراوح بين التردي وجود حل سياسي وحواري لا علاقة له ووجد نفسه مستبعدا بل تبين له قدرة السياسيين على الفعل السياسيين ( الغنوشي – المرزوقي – السبسي – بن جعفر …) خارجيا وخاصة بعد زيارة الغنوشي للجزائر ونتائجها وترتباتها، كما جاء تأكيده بعد مقابلته لوفد الكونغرس (والذي قابل أيضا الغنوشي و السبسي وهذا له أكثر من دلالة)…
+ تزامن تصريح جمعة وتأكيده مع تطورات داخلية عدة من بينها تعدد الحرائق المفتعلة وتشعب الملف الأمني وبين تعقد ملف الإرهاب وخاصة في القصرين والكاف، وانقطاع التيار الكهربائي إضافة الى ملف الجمعيات والأحزاب…

ضغوط كثيرة من جهات متعددة
+ اكتشف جمعة قوة الدولة العميقة وتلغيمها مسار الحكومة القادمة أي سيناريو 2011 تم من جديد ( حيث اتهم السبسي بتلغيم الادارة للجبالي عبر الزيادات في الاجور والتعيينات وقرارات اللحظات الاخيرة قبل المغادرة،) وبالتالي فجمعة يُخيّرالمغادرة على أن يبقى في منصب يعرف جيدا ابعاد التلغيم فيه ( تنفيذ كل الاتفاقيات الممضاة منذ أشهر يبدأ سنة 2015 وهو مثال للذكر لا للحصر).
+ عديد الوزراء يغرد خارج السرب وهو من اختارهم فما بالك بوزراء سياسيين وبعضهم اقرب للرباعي منهم لرئيس الحكومة، وبعضهم احدث في وزارته قطيعة ابستمولوجية مع سابقيه ولم ينجز ما وعد به او ما هو ضروري (الدينية – السياحة- الامن امثلة للذكر لا للحصر)
+ تعقد عدد من الملفات المطروحة على مكتبه، إضافة الى ملف الطاقة بعد الحديث عن تجديد خوالي 20 عقد وتضارب المعطيات وخلاف جمعة مع لجنة الطاقة التي تطالب بأرشيف العقود وتفاصيلها…
+ لم يتعود جمعة كإطار سابق ولا تعودت عائلته، بطبيعة العمل السياسي وخضمه العميق وتقبل الضغوط والحملات الإعلامية حتى من طرف مُقربين منه أو المغرضين والمندسين، خاصة في مجالات الشؤون الدينية والاعلام والاوقاف والامن، وهو ما حدا به في الأخير الى قراره…

علي عبداللطيف اللافي

Read More

الخميس، 2 يناير 2014

مهدي جمعة، بين سليم شيبوب و شركة ألستوم و بقايا ملف الرشوة و الفساد في تونس

يناير 02, 2014 0
بقلم سامي بن غربية،
تقديم
كثر الحديث مؤخرا عن الضغوط الخارجية التي مورست على تونس من أجل “فرض” السيد مهدي جمعة كرئيس للحكومة الإنتقالية بالرغم من غياب “توافق” كل الأطراف المعنية بالحوار الوطني. فبين اتهام بعض أحزاب المعارضة للغرب عموما بالضغط من أجل تمرير هذا الخيار و تبرئ هذا الأخير و خاصة الإتحاد الأروبي من هذا الإتهام، يبقى لغز “إسقاط” السيد مهدي جمعة مُحيرا لمتتبعي الشأن السياسي التونسي، فالرجل لم يأتي من بوابة الأحزاب السياسية التقليدية و لا من تلك التي تم إنشاؤها ما بعد الثورة بل إنه لم يأتي حتى من البيئة الحقوقية التي احتضنت الطبقة السياسية التونسية، فعُمُره السياسي لم يتجاوز العشر أشهر بعد تنصيبه وزيرا للصناعة في حكومة السيد علي العرض في مارس من هذه السنة.
إلا أنه خلال هذا المدّة التي قضّاها السيد مهدي جمعة على رأس وزارة الصناعة برز ملف التعاقد مع الشركة الفرنسية ألستوم، و الذي نسخّر له هذا المقال. و يطرح هذا الملف العديد من التساؤلات التي تستوجب إنارة الرأي العام حولها من طرف السيد مهدي جمعة. و هذا ما سنسعى لتوضيحه من جهتنا عبر العودة على المحاكمات المتعددة ضد شركة ألستوم من أجل الرشوة (I) و خفايا صفقة ألستوم في تونس (II).
لن يسعى هذا المقال إلى “تعكير” أجواء ما يبدو أنه مخرجا لتونس من أزمة عمّقتها الإغتيالات السياسية من جهة، و مردود الترويكا و تخبط سياساتها الإقتصادية و الإجتاعية و الأمنية من جهة أخرى. فبالرغم من تعرّض هذا المقال إلى السيد مهدي جمعة كوزير للإقتصاد، فسيكون هذا التعاطي من زاوية السياسة الإقتصادية لتونس و الحوكمة التي أريد لها أن تكون رشيدة خاصة فيما يتعلق بمقاومة الفساد الذي أنهك تونس و إدارتها، و إصلاح ما أفسدته عقود من هيمنة العائلة الحاكمة على مقدرات الشعب التونسي.
التعاطي سيكون إذا “تيكنوقراطيا” مخلصا لهذه الإيديولوجية الجديدة التي يحاول البعض تسويقها كحل سحري لكل الأزمات التي تتخبط فيها تونس، سياسية كانت أم اقتصادية و اجتماعية. فالتيكنوقراطي حسب هؤلاء هو “كفؤ + مستقل + وطني” بالقوّة، لا تهمه إلا مصلحة تونس العليا. فهل لا يُُخفي منهج الحكم المبني على نظرية “التيكنوقراطية” خللا عندما يواجه منظومة الفساد؟
I- عودة على المحاكمات العديدة ضد شركة ألستوم من أجل اقترافها جرائم الرشوة
تعود أطوار هذه القضية إلى أواخر التسعينات حين أسندت الشركة التونسية للكهرباء و الغاز صفقة أشغال لبناء مولدات كهربائية في رادس إلى شركة خاصة تعاقدت هي الأخرى بالمناولة مع شركة ألستوم، و هي من أكبر الشركات الفرنسية المتعددة الجنسيات و المختصة في مجال الطاقة الكهربائية وتوليدها، و تحديث السكك الحديدية و شبكاتها.
و على إثر إخلال شركة ألستوم ببعض بنود الإتفاقية و تأخرها في القيام بالخدمات المتفق عليها تمت مطالبتها، حسب بنود الإتفاق، بدفع تعويض للشركة التونسية للكهرباء و الغاز. إلا أن تدخل صهر الرئيس السابق السيد سليم شيبوب، الذي تعاقدت معه شركة ألستوم عبر شركتين يمتلكهما من أجل القيام بخدمات إستشارية لذات المشروع، عطل عملية دفع التعويض للشركة الوطنية، و كذا التغاضي عن الاخلالات الفنية التي قامت بها شركة ألستوم مقابل حصوله على رشاوي. هذا إلى جانب الرشاوي التي تحصل عليها سليم شيبوب خلال عملية منح المشروع لألستوم.
هذا ما يبرزه حكم بالإدانة من القضاء السويسري سنة 2011 ضد شركة ألستوم بسبب تورطها في الرشوة فيما يتعلق بتعاملات مشبوهة في إطار مشروع رادس و مشاريع أخرى قامت بها الشركة الفرنسية في كل من ماليزيا و لاتفيا*.

شركة ألستوم الرائدة عالميا في مجال الطاقة الكهربائية و السكك الحديدية رائدة عالميا أيضا -و هذا الأهم، كما تبينه العديد من الوثائق الرسمية و القضائية- في مجال الرشاوي و تعاملاتها المشبوهة مع المنتفذين من أجل الحصول على صفقات عمومية كبرى تحومها شبهات الفساد. فقد تمت إدانهتا أيضا سنة 2012 من قبل البنك الدولي و حظر التعامل معها – بالإضافة إلى الشركات التابعة لها – بعد ثبوت تورطها، و اعترافها، بالقيام برشاوي و “مدفوعات غير مشروعة قدرها 110 آلاف يورو إلى جهة يسيطر عليها شخص كان في السابق مسؤولا حكوميا كبيرا مقابل خدمات استشارية بشأن مشروع يموله البنك الدولي لإعادة تأهيل محطات الطاقة الكهربائية في زامبيا” في عام 2002.
مجرد الإكتفاء بهذه القضايا الثابتة التي تورطت فيها شركة ألستوم أو فروعها في مجال الرشوة و الفساد في مختلف أنحاء العالم، تورطا فعليا و مُثبتا من طرف العدالة، لاستخدامها للرشوة و لشرائها ذمم الساسة و صناع القرار كسياسة من أجل ولوج الأسواق الخارجية، يكفي لاستخلاص العبر. و بناء على ما تثبته سوابق الشركة في رشوة سليم شيبوب في تونس و غيره من المنتفذين في دول أخرى، نكون على يقين أن هذه الشركة ستلجؤ في تونس إلى هذه الممارسات الراعية للفساد و المُرتشين بالرغم من كل خطابات الحوكمة الرشيدة و مقاومة الفساد و الشفافية التي سئمنا منها.
II- خفايا صفقة ألستوم و تساؤلات حول دور مهدي جمعة: هل هو مجرد تراخي مُبرّر؟
كلنا نعلم عمق العلاقات الإقتصادية بين تونس و فرنسا، كما نعلم أيضا مركزية موقع شركة ألستوم في خارطة الصفقات الفرنسية الكبرى في تونس و العالم في مجالي الطاقة و السكك الحديدية. نستعرض في مرحلة أولى (أ) خفايا ملف ألستوم فيما يخص مناقصة الشركة التونسية للكهرباء و الغاز، و في مرحلة ثانية موضوع إتفاقية الشراكة بين وزير الصناعة مهدي جمعة و شركة ألستوم (ب) .
أ-مناقصة الشركة التونسية للكهرباء و الغاز
في أواخر سنة 2012 أعلنت الشركة التونسية للكهرباء و الغاز عن مناقصة دولية أمام الشركات المحلية و العالمية من أجل إنجاز “محطات تحويل مصفحة جهد عالي” بسوسة. و على إثر لجنة ﻓﺘﺢ الأظرفة التي انعقدت يوم 16 جانفي 2013 إقترحت الشركة التونسية للكهرباء و الغاز إسناد الصفقة إلى شركة ألستوم الفرنسية باعتبارها العارض الأقل ثمنا حيث أتت في المرتبة الأولى بعرض يبلغ 32.667.600 دينار، مقابل عرض الشركة الألمانية أ.ب.ب التي أتت في المرتبة الثانية بعرض قدره 35.804.989 دينار، و تليها شركة سيمنز في المرتبة الثالثة بعرض يبلغ 36.715.750 دينار.
الأمر يبدو طبيعيا لو لم تكن الشركة المقترحة غير مُدانة في قضايا رشوة مع صهر الرئيس بن علي تمت إدانتها في العديد من الدول و في العديد من المناسبات بسبب فساد سياستها و اتباعها سياسة رشوة النافذين. الأغرب في هذا الإقتراح أن شركة ألستوم لم تسدد التعويضات المالية للشركة التونسية للكهرباء و الغاز في القضية المذكورة أعلاه إلى يومنا هذا.
الأمر يزداد غرابة بعد اطلعنا على عدد من الوثائق السرية المتعلقة بقضية المناقصة و بعد أن وقفنا على حيثيات الملف التي سنسردها كالآتي.
بعد مراسلة من سفارة تونس بفرنسا، أعلم البنك المركزي التونسي باسم محافطه السيد مصطفى كمال النابلي في مذكرة أرسلها يوم 5 أفريل 2012 بالحكم الذي أصدره القضاء السويسري ضد شركة ألستوم و إدانتها بسبب ثبوت إعطائها رشاوي لمسؤولين في ثلاث دول من بينها رشوة السيد سليم شيبوب في تونس. في نفس اليوم قامت وزارة الحوكمة ومقاومة الفساد بإعلان (مراسلة عدد 010/1882) اللجنة العليا للصفقات بفحوى هذه الإدانة مع الدعوة لاتخاذ التدابير اللازمة لتجنب التعامل مع هذه الشركة.
و في مكتوب من المرصد الوطني للصفقات العمومية (عدد 10/56) بتاريخ 9 جانفي 2013 الموجه إلى الشركة التونسية للكهرباء و الغاز تمت الدعوة مجددا إلى تفادي إبرام صفقة إنجاز “محطات تحويل مصفحة جهد عالي” بسوسة مع شركة ألستوم.
و حسب بعض المصادر الأخرى التي حاورناها في سياق هذا التحقيق فإن من بين الحجج التي قدمها البعض من مساندي عملية إبرام الصفقة مع شركة ألستوم، و التي عطلت إلى يومنا هذا إقصاء الشركة من المناقصة مع الشركة التونسية للكهرباء و الغاز، تكمن في الفرق بين الشركة الأم و فروعها التي تحمل أسماءا مختلفة، إذ يعتبر هؤلاء أن معاقبة شركة ألستوم التي تقدمت بعرضها للمناقصة المذكورة عمل غير قانوني. على إثر هذا التحاجج تمت استشارة قانونية مع وزارة العدل طالبت على إثرها الوزارة بتفادي التعامل مع شركة ألستوم، إلا أن لجنة الصفقات تبدو، لأسباب مريبة، مترددة بشأن إتخاذ قرار صارم بخصوص حرمان شركة ألستوم من هذه الصفقة.
و يبدو أن كل هذه المراسلات و المذكرات لم تُقنع المعنيين بالأمر بإقصاء شركة ألستوم من هذه المناقصة، خاصة و أن شركة أ.ب.ب الألمانية (المُورّطة بدورها في قضايا رشوة و فساد في دول أخرى غير تونس) وافقت بتخفيض عرضها لمستوى عرض الشركة الفرنسية و تعهدت أيضا بمنح هبة في حال فوزها المناقصة ذات الصلة.
في هذه الأثناء تصاعدت وتيرة التدخلات الأجنبية و الزيارات الرسمية خاصة من الجانب الفرنسي ثم الالماني. فلا تكاد تمر زيارة رسمية للرئيس الفرنسي أو لوزرائه و مستشاريه لتونس دون مرافقة مسؤولين من شركة ألستوم الذين زاروا حتى قصر قرطاج في شهر ماي 2012 لمقابلة الرئيس المرزوقي من أجل دعم مصالح الشركة في سوق تونس بعد الثورة. و حسب مصادرنا التي حبذت عدم البوح عن أسمائها فقد تعرضت كل هذه الزيارات إلى موضوع المناقصة التي لم تُكتمل، بفضل مقاومة البعض، و حظوظ شركة ألستروم فيها، بل قد بلغ الضغط على الجانب التونسي نبرات تهديدية إن لم تطوي تونس ملف ألستوم الأسود.
alstom-carthage-tunisie
المدير العام لألستوم باتريك أورون رفقة السفير السابق بتونس يوم 29 ماي 2012 بقصر الرئاسة بقرطاج. مصدر الصورة: تينيفيزيون
في الأثناء راسل سفير ألمانيا يانس بلوتنر يوم 10 جويلية 2013 رسميا رئيس الحكومة السيد علي العريض ليُبلغه تذمر الشركة الألمانية أ.ب.ب من غياب الشفافية في الإجراءات الخاصة بمنح الصفقات العمومية المتعلقة بالمناقصة المذكورة.
ب- صفقة ألستوم التي لم تتم….بعد
أغلب حيثيات هذا القضية وقعت بُعيد تولي السيد مهدي جمعة وزارة الصناعة في شهر مارس من هذه السنة، فما علاقته بملف شركة ألستوم و مستقبل المعاملات معها؟
العلاقة نجدها في التسريب الذي نقدمه بين يدي القارئ هنا و الذي لن ننشر منه الآن إلا ثلاث صفحات، و هي الأولى و الثانية و الأخيرة.

الوثيقة المسربة التي بحوزتنا كاملة هي الإتفاقية بين الدولة التونسية ممثلة في شخص وزير الصناعة السيد مهدي جمعة من جهة و شركة ألستوم من جهة أخرى. الإتفاقية التي كان من المفروض توقيعها خلال زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لتونس في 4 جويلية 2013 كانت ستُهدي بمقتضاها تونس شركة ألستوم تسهيلات تفضيلية و أسواق ضخمة طويلة الأمد في مجالي الطاقة و صيانة السكك الحديدية.
و حسب مصادرنا المطلعة على تفاصيل هذا الملف من الجانبين الفرنسي و التونسي يبدو أن مقاومة شرسة داخل قصر الحكومة بالقصبة و بعض الوزارات و الإدارات التابعة كانت سببا في عرقلة عملية التوقيع، بالرغم من توقيع تونس حينها على ما يزيد عن 20 اتفاقية.
فقد تم إعلام رئيس الحكومة السيد علي العريض في 2 جويلية 2013، أي يومين قبل وصول الرئيس فرانسوا هولاند لتونس، بهذه القضية و تم مده بملف كامل حولها. و كانت النتيجة أن عُطل توقيع هذه الإتفاقية لما تمثله من إحراج لحكومة قد تتورط أكثر فيما يراه الكثيرون من خيانة للمسار الثوري، خاصة مع وجود 6 أو 7 قضايا أخرى ضد سليم شيبوب على علاقة بشركة ألستوم.
الخلاصة
مقالنا هذا لا يُعير أهمية لحسابات النهضة و لا نداء تونس و لا الجبهة الشعبية، وليس له بأي حال من الأحوال خلفية سياسية لتعكير أجواء الحوار الوطني. كيف لا و الحال أنه حتى في صلب الحكومة – من وزراء و مستشارين من مختلف الحساسيات السياسية – و داخل قوى المعارضة تقارب في رفض التعاقد مع شركة ألستوم بسبب ثبوت تورطها في مجال الرشوة و الفساد، خاصة في ما يهم الشأن التونسي في علاقتها بصهر الرئيس السابق سليم شيبوب. تقارب لاحظناه خلال إجراءنا لهذا التحقيق.
لن نستطرد هنا في شرح مطول لاستنتاجاتنا الشخصية بخصوص هذا الملف، فالقضية بالنسبة لنا في غاية البساطة و الوضوح : أثبتت شركة ألستوم مرارا أنها مستعدة لرشوة كل من يقبل الرشوة (و لكل ثمنه!). ليس مقبولا و لا معقولا إذا أن تمنح تونس بعد الثورة مثل هذه المكافآت إلى شركة رائدة في مجال الفساد و رشوة النافذين و ما زالت ترفض تعويض الخسائر لتي سببتها لشركة وطنية مثل الشركة التونسية للكهرباء و الغاز. لا يمكننا أن نكون في ذات الوقت ضد الفساد و مع التعاقد مع شركة جعلت من الفساد وسيلة استراتيجية لكسب الأسواق، و بالتالي لإفساد المنتفذين من ساسة و صناع قرار في مرحلة حساسة من تاريخ تونس و في خضم مسار انتقالي نريده شفافا.
ليس باستطاعة أي أحد أن ينكر أن لتونس مصالح يجب حمايتها. إلا أن المصالح التي تتواطؤ مع الفساد تبقى مصالح قصيرة المدى تضر في الأخير بالمصالح المتوسطة و طويلة المدى التي تبنى على ركيزة قوامها محاربة الفساد بأشكاله من أجل النهوض الحقيقي بالإقتصاد الوطني.
الآن، فلكل رأيه الخاص في هذا الملف، و الرأي سيستبطن حتما مسؤولية سياسية و وطنية بالدرجة الأولى حتى و إن برّر هذا الرأي منظّرو فكرة التيكنوقراطية…التي مهما قلنا عنها تبقى متجاهلة لمفهوم المسؤولية السياسية.
ختاما، و في خضم اختيار السيد مهدي جمعة لتولي منصب رئاسة الحكومة تبقى بعض التساؤلات الحساسة عالقة:

- دوره خلال مدة توليه لمنصب وزارة الصناعة بخصوص ملف ألستوم؟
- هل ساند السيد مهدي جمعة ابرام الصفقة مع شركة ألستوم أو عارضها؟
- هل كان على استعداد لتوقيع اتفاقية الشراكة بين وزارة الصناعة و شركة ألستوم، بل و ما هو أخطر، هل دفع نحو توقيعها، و لماذا؟


من حق الرأي العام أن يطلع على موقف السيد مهدي جمعة و أن يعي بدور من سيتولى منصب رئاسة الحكومة في هذا الملف الحساس.
Read More

الاثنين، 23 ديسمبر 2013

الاسباب التسعة... لعدم الوثوق في مهدي جمعة !!!

ديسمبر 23, 2013 0
الاسباب التسعة...
لعدم الوثوق في مهدي جمعة



1- مهدي جمعة وإن كان غيرَ مُسيَّسٍ فهو مرتبط في مساره المهني ومنذ اكثر من عشرين سنة بمؤسسات دولية لا توظف في العادة الا من "تثق" فيه و ترتاح إليه فكريا وسلوكيا اضافة الى معايير الكفاءة العلمية والمهنية والتجربة. بل ان اغلب مسيرته قضاها في بلاد الغرب وهو بهذا يدفعنا الى التساؤل حول موقفه إذا تخالفت المصالح الوطنية مع المصالح الاجنبية. هذه النقطة تجرنا الى استنتاج سهولة رضوخه لاية املاءات اجنبية او تعليمات سياسية لصندوق النقد الدولي والبنك العالمي. هذا ناهيك عن الحديث في الكواليس عن حصوله على الجنسية الفرنسية -رغم نفي البعض- وعمله في مؤسسة تحت اشراف وزارة الدفاع الفرنسية.

2- انتماؤه ولو بصفة محتشمة الى جماعة "اتيج" او ما يعرف بخريجي كبريات الجامعات الغربية يضع عدة علامات استفهام حول ايديولوجيته الشخصية وامكانية تاقلمها مع الطروحات الوطنية والاسلامية والعروبية. "اتيج" الممولة من مؤسات اوروبية وامريكية لصناعة زعماء المستقبل والمعروفة بكونها انجح مؤسسة في غسل ادمغة النخب وحشوها بالافكار الغربية كان لها على مدار اكثر من عشرين سنة الدور الفعال في تطعيم الادارة التونسية والوزارات والتجمع المنحل وخاصة المؤسسات والشركات العمومية والخاصة التي استفاد منها اصهار المخلوع بالكوادر الذكية والمتميزة. التعتيم المطلق على علاقته مع "اتيج" وفي المقابل تسريب معلومة غير مؤكدة عن انخراطه في اتحاد الطلبة الاسلامي اواسط الثمانينات من القرن الماضي معطيات تحتاج للتفكيك. لقد ثبت منذ الثورة ان من تم توزيرهم من مجموعة اتيج في حكومات الغنوشي والسبسي كانوا سياسيا على ولاء تام للمصالح الفرنسية والغربية وعلى قطيعة خفية او معلنة مع الثوابت الاسلامية. ولا ننس ما قاله يوسف الصديق حول حضور كل منتمي اتيج لدروس المحفل الماسوني بباريس.

3- اشرافه على وزارة الصناعة ارتبط بصمته المريب اثر خروج فضيحة السبسي غايت للعلن. حينها لم تقم الوزارة باي مجهود للتحقيق في الملف الخطير المرتبط بالتفريط بالبيع في اسهم -يفترض انها تحت التصرف القضائي وفق قرار المصادرة- بشركة بترولية على ملك صهر المخلوع سليم شيبوب علما وان مكتب شقيق السبسي هو الذي اشرف قانونيا على الصفقة.

4- وعلى صلة بالنقطة السابقة، لم يقم مهدي جمعة باية مبادرة في مجال التحري والتدقيق في عقود الاستكشاف والاستغلال المبرمة مع الشركات الدولية بل واصل امضاء عشرات العقود الجديدة التي لا تضمن للجانب التونسي اية حقوق تذكر بل تم تسريب وثائق وتقارير تثبت ضياع وسرقة ونهب لعشرات المليارات قيمة الموارد الطبيعية المستغلة بعقود مضحكة لم تخضع في السابق لاية رقابة حقيقية وكانت توزع زمن بورقيبة والمخلوع وفق مقاييس شخصية ووفق المنافع الذاتية والرشاوي والمصالح السياسية مع الدول الغربية الكبرى.

5- قيام وداد بوشماوي بتقديم ترشح مهدي جمعة يطرح نقاط استفهام. فمن جهة تكرر بوشماوي مثلها مثل بقية الرباعي والمعارضة بان الحكومة فاشلة ومن جهة اخرى تثني على وزير الصناعة في هذه الحكومة وتصف اداءه على راس الوزارة بالجيد كما تمدح اسلوبه في تعاطيه مع مشاكل الصناعيين! اذن حكومة فاشلة باستثناء الوزير الذي للصدفة ترشحُهُ وتختارهُ بوشماوي والذي للصدفة سهَّل كل اتفاقيات التعاون والاستغلال بين مجموعة بوشماوي البتروكيماوية التي يمثلها قانونيا مكتب الباجي قائد السبسي للمحاماة والاستشارات وبين الحكومة الليبية والذي للصدفة لم يجر اي بحث في عقود استغلال الغاز والبترول بالتراب التونسي والذي للصدفة عمل سابقا بشركة طوطال الفرنسية الضخمة التي تشير كثير من التجارب السابقة الى دورها في دعم انظمة دكتاتورية وانقلابات وتوترات اقليمية وعمليات استخبارية.

6- قبول الاتحاد ورابطة حقوق الانسان وعمادة المحامين التي يسيطر علي ثلاثتها اليسار بوزير في "حكومة النهضة" أي في الحكومة الفاشلة وذي خلفية راسمالية غربية يبدو مريبا ولا يمكن ان يمر دون تساؤلات لعل الاجابة عنها مرتبط بشكل وفحوى ومدى التعهدات والالتزامات التي قطعها الرجل مقابل تزكيته من طرف الرباعي.

7- مسرحية رفض المعارضة لا تنطلي على احد. فالجميع يعلم بانه لو ارادوا رفضه حقا لصوتوا بـ"لا" وبهذا يكون من المستحيل اختياره وتزكيته ولكن الفيلم الذي روَّجه البعض كان لحسن حظنا سيء الاخراج . فالمعارضة وبتنسيق كامل مع الرباعي الذي يتداخل معها عضويا وسياسيا وفكريا تتظاهر بعدم الترحيب بالسيد جمعة لفرض تنازلات جديدة على حركة النهضة وخاصة طلبها مراجعة التعيينات لمدة 4 سنوات وليس فقط في السنتين الماضيتين. كما ان الرفض او عدم التحمس لرئيس الحكومة الجديد هدفه فرض املاءات المعارضة تحت تعلة محاولة إرضائها وهي حجة سيستعملها الرباعي مع حركة النهضة من اجل حثها على مزيد التنازل ضمانا "للتوافق" وسعيا لاشراك المعارضة من جديد في المسار السياسي. واما ما قيل عن موقف متحفظ لحركة نداء تونس من الرجل فاكذوبة كبرى لانه اصبح في حكم المؤكد ان البوشماوي استشارت الباجي قائد السبسي حتى قبل الرجوع لباقي الاطراف.

8- بعد تمعن في شبكة علاقات الرجل العائلية والوسط الاجتماعي الذي نشا فيه وعلى عكس الترهات التي يروجها البعض حول مصاهرته لقيادات النهضة نجد ان السمة الغالبة على من يعرفهم مهدي جمعة هي انتماؤهم لليسار او قريبين من النظام السابق. وهذا عامل ضاغط جديد قد يدفع بمهدي جمعة للتقرب اكثر من المعارضة ونداء تونس على حساب علاقته مع النهضة. وكل ما يقال عن صداقاته مع مهندسيين اسلاميين ادعاء لا اساس له الهدف منه التغطية على علاقاته مع عديد الخبراء في حركة افاق ونداء تونس والجمهوري وغيرها.

9- مسارعة الجوقة الصحفية النوفمبرية المتمترسة للاسف الشديد في اغلب المؤسسات الاعلامية العمومية والخاصة الى اطلاق لقب رئيس الحكومة الجديد على السيد مهدي جمعة دون زيادة المؤقت كما تفعل مع العريض تعكس موقفا داعما له وهذا الموقف الداعم وان كان خفيا حتى الان الا انه لا يكون الا نتيجة لقرارات رجال الدولة العميقة المتحكمين في الاعلام.

في الخلاصة، اختيار مهدي جمعة تم بناء على" نقاوة" سجل الرجل من انتماءات حزبية وسياسية سابقة اضافة الى عدم تسيسه واستعداده "للتعاون" التام مع الرباعي الذي يساعده التعامل مع شخص غير "محصَّن" ايديولوجيا ومعتنق للافكار الغربية و"مسالم" في موضوع قضايا الفساد الموروثة عن النظام السابق.

واما مسرحية تحفظ احزاب المعارضة فليس الا لمزيد احكام قبضتها على سلطة رجل القصبة الجديد وتوجيهه الوجهة التي تريد خاصة وان الرهانات التي تبحث عنها مصيرية ولن تتحقق الا برئيس حكومة متعاون جدااا.

ما تريده المعارضة من مهدي جمعة بالتحديد:
- اغلاق كل الجمعيات التي تشك في دعمها للنهضة مقابل السكوت على عشرات الجمعيات الداعمة للمعارضة. هذه الخطوة تاتي لمحاصرة النهضة ماليا وحرمانها من اية موارد لتمويل حملتها الانتخابية. وفي نفس السياق سيكون دور البنك المركزي حاسما لاثارة أي ملف فيه شبه تمويل سياسي اجنبي.
- سحب تراخيص روابط حماية الثورة.
- الاقتصار في مراجعة التعيينات على تسميات 2012 و2013 رغم ان المئات من الاطارات والتسميات تمت في عهد السبسي ولايزال اغلبها قائما حتى الان.
- استمداد صلاحية رئاسة الحكومة من الرباعي وليس من المجلس التاسيسي الذي عليه وفق تصورها غلق ابوابه مباشرة بعد قيامه بمسارات خارطة الطريق أي بمعنى اخر انهاء الدور الرقابي للمجلس. هذا الامر لن يتم الا بتنسيق مع مصطفى بن جعفر الذي قد يعمد الى تعليق اشغال المجلس ثانية ولكن هذه المرة الى اجل غير معلوم.
- اطالة فترة الحكومة المؤقتة وتاجيل الانتخابات اطول وقت ممكن بحيث لا تجرى الا اذا تاكد الجميع من تحجيم نفوذ النهضة ماليا واداريا واجتماعيا وسياسيا.
-الابقاء على هيكلة المحكمة الادارية الحالية لاستغلالها في الغاء قرارات سابقة لحكومة الترويكا او لاسقاط قوائم فائزة في انتخابات مقبلة تحت تعلات شكلية او بناء على قرائن لا غير.
- التزام "الحياد" بعدم عرقلة الشروع في اثارة قضايا عدلية او على الاقل التهديد بها ضد بعض وزراء النهضة وبعض قيادييها ومؤسساتها الاعلامية في محاولة للضغط عليها ونيل اكبر عدد ممكن من التنازلات في مسار الدستور وغيره.

Read More