Hot

الأحد، 31 أغسطس 2014

تكوينية تهمتي الإرهاب والتكفير ودلالتهما



أبو يعرب المرزوقي 
تونس في 2014.08.30

يخطئ من يتصور الأنظمة العربية بصنفيها المتخلفين القبلي والعسكري ونخبها التابعة والأكثر تخلفا اكتفت بتنمية غباوة الاستبداد ورداءة الفساد في شروط قيام الأمم المستقلة والكريمة شروطه التي هي العلوم الطبيعية والإنساينة وتطبيقاتها التقنية والتربوية للرعاية ( المجال الاقتصادي والغذائي والطبي) وللحماية (المجال العسكري والدبلوماسي) أو لمنهجياتهما المشتركة (فنون ا لتنظيم الاداري والتعامل مع المواطنين).

ففي ذلك كله لا نحتاج إلى الاستدلال على التخلف والخلل بل يكفي الإشارة إلى أن أغنى دول المغرب (الجزائر) وأغنى دول المشرق (السعودية) بثرواتهما المعدنية ماتزالان تابعتين في وظائف الحماية (ليس باستيراد السلاح فحسب بل وكذلك بالمساعدة الدفاعية الخارجية) والرعاية (ليس في استيراد الغذاء والدواء فحسب بل وكذلك في تجفيف منابع إمكانية الاستقلال فيهما) كلها الوظائف التي لا معنى لمفهوم الدولة ولوجودها من دونها ما يجعلهما تزدادن تبعية لهذا المورد الوحيد زيت الحجر مع استيراد جل مقومات الحياة بما في ذلك سد الحاجات الأولية. 

ولعل أصدق العلامات وأكثرها دلالة ما يلجئها إلى التخلي عن أسمى أسرار الدولة بجعل قياداتها تعالج خارج الوطن بل وعند أعدى أعدائه وإن لم يكن كذلك فهو مبلغ لأعدى أعدائه الحال الصحية لحكام البلد. لكأنهما عاجزتين على بناء مصحات بالمعايير الدولية التي تجعلهم يهرعون للعلاج في الخارج في حين أن من أطباء العرب من لهم الكفاءة العالمية التي يمكن أن تكون أجيالا في هذه المصحات يستفيد منها الشعب فضلا عن رجالات الدولة.

التخلف الذي يحتاج إلى بيان
ما أريد الكلام عليه هو تخلفها حتى في ما تريد استعماله لدى حاميها من حجج للحصول على سند منه يطيل عمر حكمها الفاسد والمستبد أعني اتهام شعوبها بما يشوه به العدو كل محاولاتها للتحرر منه هو عينه الذي يفقد الحكم كل معنى لأنهم يصبحون جهارا نهارا دمى في يد من يتوددون إليه بمحاربة ما يتهم به شعوبهم كما فعل السيسي صراحة عندما برر انقلابه بمنع الإسلاميين من إعادة الخلافة التي يخيف بها الغرب عامة والغرب الأدنى (أوروبا) خاصة إحياء لعقدة التاريخ الوسيط: 

1-تهمة الإرهاب التي يستعملها الغرب اسقاطا بينا لخاصيته الجوهرية على الشعوب المستعمرة لتبرير تدخله في شؤونهم وإدامته : فهو بالجوهر إرهابي ويستعمل الإرهاب الذي من صنيعته لمحاربة الشعوب التي تريد التحرر من إرهابه. وتدخلاته الإرهابية لا تحصى ولا تعد.

2-وتهمة التكفير التي يستعملها أخلاف الحشاشين إسقاط لخاصيتهم الجوهرية لتبرير سيطرة اقلياتهم على الأغلبية السنية : فالتشيع بالجوهر تكفيري لأن عقيدته هي أن كل من لا يقول بنظرية الإمامة والحق الإلهي في حكم المسليمن كافر وينبغي محوه من الوجود. 

ذلك أن الغرب سيطر على العالم كله بممارسة الإرهاب ليس خارجه فحسب بل حتى في ما بين شعوبه. فما يسمى بالحربين العالميتين لم يكن إلا إرهابا متبادلا بين دوله خلال تنافسها على اقتسام العالم ولأتفه الاسباب. ويكفي أن نضرب مثال تهديم جل مدن ألمانيا انتقاما حتى بعد استسلام جيش هتلر : فتهديم مدينة بعد توقف القتال يعني قتل مدنيين قتلا لا يمكن تبريره حتى باعتباره مفعولا جانبيا للحرب. ومن ثم فهو إرهاب محض. 

والشيعة عامة والشيعة الصفوية خاصة أساس مبدئها تكفير كل من لا يؤمن بالإمامة أي إنهم يكفرون 95 في المائة من المسلمين ويستحلون دمهم ويركزون على ما يسمونه تكفيرا عند بعض الشباب الذي يعبر عن غضب إزاء الغزو الثقافي ليس إلا. وهم في هذه اللحظة التي يكثرون من تشوبه الدول السنية المترهلة عضويا وسياسيا يكونون مليشيات إيرانية الهوى من أغبياء شيعة العرب الذين تخلوا عن قيادة المذهب لغير العرب فأصبح وسيلة لاسترداد إمبراطورية فارس بأيد عربية تهدم ذاتها بدروشة المناحات وإيهامات البطولة الزائفة لأن أكبر زعمائهم ليسوا إلا ضباطا صغارا في حرس الثورة الخمينية ومن ثم فهم عملاء من الدرجة السفلى.

تكوينية الإرهابين المادي والرمزي
يمكن إرجاع نشأة ما يسمى بالإرهاب الحديث ووصوله إلينا بصنفيه المادي (عمليات التخريب المادية : استخبارية بالجوهر) والرمزي (عمليات التخريب المعنوية : إعلامية بالجوهر) في دلالته العسكرية السوية إلى فنيات الصراع الخفي بالتخريب المتبادل عن طريق الأجهزة الاستعلامية بين القوتين اللتين تقاسمتا العالم بعد الحرب العالمية الثانية : الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي في مجاليهما كليهما الاصلي والتابع :

1-فعمل المخابرات التخريبي ماديا ورمزيا في كلا البلدين يكون دائما مصحوبا بشيء من الإرهاب أو بعبارة أصح بـ"السابوتاج=التخريب" السري لبعض وسائل الدفاع عند العدو سواء كانت عسكرية مباشرة أو قابلة للاستعمال العسكري كالبحوث العلمية والصناعات العسكرية.

2-وعمل الغزو السياسي في توابع كلا البلدين يكون دائما مصحوبا باستخدام تناقضاتها من خلال تجنيد معارضين وظيفتهم القيام بمهمة التخريب أو الصابوتاح العلني لسياسة البلد الذي يراد غزوه وافتكاكه من التبعية للعدو لضمه إلى الصف.

ولما كانت أنظمتنا كلها لا تستطيع النوع الأول لأنها أقزام وعاجزة بل وفاقدة لاي استراتيجية دفاعية تتجاوز حربها على شعوبها لفقدان الطموح السياسي التاريخي وأيضا لعدم فهم معنى الدفاع الوقائي (آية الردع 60 من الأنفال) فإنها تقتصر على أن تقدم خدمات للإرهاب الدولي هذا وأن تعمل ضمن خطته في أوطانها ضد شعوبها وضد أقطار أمتها التي لا تتفق معها في اختيار الحليف. لذلك فما يعنينا نحن هو هذا الصنف الثاني خلال الحرب الباردة وكيف نشأ عنه الإرهاب بمعنييه المادي والرمزي بشكلين ديني وعلماني بسبب انقسام البلاد العربية إلى :

1- أقطار تدعي الحكم الأصيل باسم الاسلام خلطا بينه وبين ما ورثته القبائل التي يحكمون باسمها عن الجاهلية التي لا تعتبر الحكم خدمة للجماعة بل استخدام لها (الأنظمة القبلية الإسلامية) : علاقتها بشعوبها ليست علاقة خادم بمخدوم بل علاقة سيد بعبد ومالك بمملوك.

2-وأقطار تدعي الحكم الحديث باسم العلمانية خلطا بينها وبين ما ورثته الأنظمة العسكرية عن الاستعمار الذي يحكمون باسمه يعتبر التحديث محوا لثقافة الشعوب(الأنظمة القومية العسكرية) : علاقتها بشعوبها من جنس العلاقة السابقة مع عنف وهمجية أكبر لعدم وجود الحامي منه أعني القبلية في الأنظمة الأولى.

فتولد عن هذين النوعين من الأنظمة المتصارعين في الساحة العربية بتحالف مع النظامين العالميين منظومتا إرهاب تجمع بين المادي والرمزي من تقويض النظامين أحدهما للآخر بحيث دار خلال النصف الثاني من القرن الماضي حرب أهلية عربية استخبارية وإعلامية وصلت أحيانا إلى المرحلة العسكرية على الأقل في المغرب بين الجزائر والمغرب وفي المشرق بين السعودية ومصر في اليمن وبينها وبين العراق في الكويت :

1-الأنظمة العسكرية المتحالفة مع الاتحاد السوفياتي كانت تعتمد منظمات سرية وعلنية وظيفتها خدمة المشروع التحديثي على النمط السوفياتي تابعة للبعث وللناصرية وظيفتها التخريب في الأقطار التي تحكمها الأنظمة القبلية المحالفة للولايات المتحدة.

2-والأنظمة القبلية المتحالفة مع الولايات المتحدة كانت تعتمد منظمات سرية وعلينة وظيفتها خدمة المشروع التأصيلي على النمط الوهابي تابعة للسعودية وللخليج وزظيفتها التخريب في الأقطار التي تحكمها الأنظمة العسكرية المحالفة للاتحاد السوفياتي.

ومن علامات ذلك حرب اليمن وتكون أول نظام شيوعي في الوطن العربي بجوار زعيمة التيار الديني (السعودية) وحرب السودان وتكون أول نظام ديني بجواز زعيمة التيار القومي (مصر). 

استعمال الأنظمة العربية للتهمتين ضد الثورة
بعد الثورة تحالف نوعا الأنظمة العربية المتخلفة أو الناتجة عن الانحطاط الذاتي (الأنظمة القبلية ومن معها من علماء السلطان التقليديين مع بعض النخب الحداثية المزعومة) والانحطاط الاستعماري (الانظمة العسكرية ومن معها من نخب السلطان الحداثيين المزعومين مع بعض علماء الدين المزعومين) لمحاربة ثورة الشعب الذي يريد أن يحقق شروط الكرامة والحرية أعني جوهر قيم القرآن الأصيلة وقيم الحداثة الحقيقية. 
وتستعمل هذه الأنظمة بعد حلفها مفهوم الإرهاب والتكفير استعمالا متخلفا مفضوحا بلغ غايته في الجزائر بعد إلغاء الانتخابات لكنه كان معمولا به في الأنظمة العسكرية التي أسست شبه شرعية على تخويف الشعوب ووعدها بالاستعداد لردع إسرائيل طيلة نصف قرن. 

والسؤال هو : ما القصد بتخلفها في استعمال هاتين التهمتين اللتين ألصقهما الغرب والصفوية بشباب السنة الذي لم يجد بدا بأن يقوم بنفسه بواجب الجهاد بسبب تقاعس الدول السنية التي هي جميعا محميات غربية أو إيرانية بلا استثناء خاصة إذا اقتصرنا على الأنظمة السنية العربية. 

قصدنا بهذا التخلف استعمالهم هاتين التهمتين بعكس وظيفتهما اللتين لأجلهما كثر استعمالهما في الغرب وفي المجال الذي تريد إيران بأذرع عسكرية وإعلامية من عملائها العرب لإصابة الحكام العرب بالشلل المطلق وجعل البلاد العربية لقمة سائغة تتقاسهما إسرائيل وإيران شرطيين للغرب في المنطقة. 

ذلك أنهم يستعملون التهمتين ليس لغرض فعلي فيكون أداة تخريب لدفاعات الأعداء بأجهزة استعلام فاعلة تتصدى للعدوان بمثله بل لغرض انفعالي وظيفته التقرب من الغرب (كل الأنظمة) ومن إيران (بعض الأنظمة) ويحمي أنظمتهم من السقوط ولا يدرون أنهم بذلك يضعون أنفسهم أمام ضرورة الدخول في حرب مع ممثلي مفهومين أساسين هما من يحاربهم الغرب وإيران :

1-فالغرب يستعمل تهمة الإرهاب ويفيد بها تشويه شيئين : المقاومة المشروعة التي تحاول تحرير الأوطان(والرمز هنا فلسطين) والمهمات الاستخبارية التي تخرب بها أجهزته الاستعلامية أحد الصفين المتصارعين في جماعتنا ليتهم الصف الثاني حتى يشغل نار الاقتتال الداخلي فيها (الرمز المقاومة السورية).

2-والصفوية تستعمل تهمة التكفير لتفيد تشويه نفس الشيئين : المقاومة المشروعة لتحقيق الحرية والكرامة(الرمز هنا لبنان) والمهمات الاستخبارية التي تخرب بها أجهزتها الاستعلامية أحد الصفين المتصارعين في جماعتنا ليتهم الصف الثاني حتى يشعل الاقتتال الداخلي فيها (الرمز العراق).

فهاتان التهمتان بلغتا ذروة تعليلها أعني أكثر الأشياء إخافة للغرف : تجاوز الأمر تخويفه بقيم التربية الإسلامية التي يعد الجهاد أهم مقوماتها لأنها من شروط حماية الكرامة والحرية بل وكذلك بغاية المسعى التحرري كما جاء في تعليل الانقلاب الذي قام به أرذل مخلوق عرفه الشعب المصري: استعادة الخلافة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق