أبويعرب المرزوقي
تونس في 2014.09.10
وضع الدستور الحالي الشروط الثلاثة التالية للترشخ لرئاسة الجمهورية:
1-حد السن الأدنى:35 سنة دون الإشارة إلى حد أقصى.
2-الجنسية التونسية والتخلي البعدي عن غيرها إذا وجدت.
3-تزكية التشرح تزكية يضبطها القانون (أعضاء من مجلس النواب أو من رؤساء الجماعات المحلية المنتخبين).
وهذه الشروط هي حسب رايي شروط شكلية شديدة التياسر فضلا عن كونها ليست بذات علاقة حقيقية بمتقتضيات الدور الذي يؤديه رئيس الدولة, خاصة بعد أن أصبح غير مقصور على التمثيل الرمزي. لذلك فإني أريد أن اطرح مسألتين لا بد من تأملهما التأمل الجدي والحسم فيهما لأهمية أخذهما بعين الاعتبار على الأقل لئلا تكون بداية الجمهورية الثانية بداية سيئة, وإذا كنا حقا نفكر في شروط استعادة هيبة الدولة وضمان التسيير الرشيد لدفتها في هذه اللحظة العصيبة من تاريخ البلد:
1-الأولى هي شروط الأهلية الوظيفية خبرة وكفاءة فضلا عن الشروط الخلقية التي تتمثل في احترام قيم الجماعة على الأقل في السلوك الظاهر.
2-والثانية هي شروط الأهلية الصحية البدنية والعقلية فضلا عن أدلة مناسبتها للجهد الذي يتطلبه القيام بمهام الرئاسة في نظام نصف برلماني ونصف رئاسي..
طريقتا التأكد من ذلك عادة
والمعلوم أن الديموقراطيات الغربية تعتمد منهجيتين في علاج هاتين القضيتين إحداهما اشتهرب بها أوروبا عامة والثانية اشتهرت بها الولايات المتحدة فضلا عن كون احترام قيم الجماعة هي الضامن الوحيد لرضا المواطين الذين سينتخبون من يرونهم قابلا لأن يكون ممثلا لهم في الداخل والخارج أي للقيم التي يعتبرونها عين وجودهم أصيلها وحديثها:
الطريقة الأوروبية
الأولى هي التجربة السياسية التي تقاس بالممارسة في المستويات الدنيا للمسؤولية السياسية بمعنييها الحزبي أي المعارض والحاكم. وهذا يغلب على الطريقة الأوربية. يصعب أن تجد شخصا يرتقي مباشرة إلى سدة الرئاسة قبل أن يكون قد شارك في المعارضة أو في الحكم في المستويات الدنيا من المسؤولية ثم تدرج إلى مستوى الوزارة أو حتى الوزارة الأولى مع الأهلية المعرفية والثقافية والنجاح في عمل معين عادة يكون عملا في المهن الحرة. لكن النظام الأمريكي يعتمد على خطة ربما أذكى هي مارتون استعراض المترشحين لبرنامجهم وهو ماراتون مديد يقلب فيه المترشح تقليبا في جميع مستويات المجتمع الأمريكي ولاية ولاية أي أكثر من خمسين امتحانا.
الطريقة الأمريكية
الثانية هي الصحة البدنية والنفسية. وهي القضية رغم حساسيتها فإنها أول الشروط التي ينبغي أن نحرص عليها الحرص كله لأنه لا يمكن أن نضع مصير البلد تحت رحمة أحوال المترشح الصحية بدنية كانت أو نفسية. وطبعا لا يوجد ضمانة مطلقة حتى بعد كل الفحوص تحقق شرط تجنب المفاجئات الصحية البدنية والنفسية لكن ذلك من القضاء والقدر الذي لا يمكن توقعه ونحن نتكلم فقط على ما يقبل التوقع.
لذلك فإني اقترح أن نضيف هذين الشرطين إن لم يكن بحكم القانون فبحكم الالتزام الخلقي للمترشحين إذا كانوا حقا جاءوا لخدمة الوطن ويحترمون المواطنين. ذلك أنه لا يعقل أن نطالب المواطن في أي وظيفة مهما تدنت رتبتها في سلم المسؤولية بأن يقدم ملفا صحيا وشهادات تثبت كفاءته وخبرته ثم نأتي لمن سيكون مكلفا بشؤون الدولة العاملة فنستثنيه من هذا الجراء البسيط. فإذا كان لا بد للطيار أو الربان أن يقدم ما يثبت قدرته على إيصال الركاب سالمين جوا وبحرا وحتى سائق الحافلة برا فإنه لمن الواجب أن نطالب سيكون سائق الدولة ربانها بأن يثبت لنا أولا أنه في صحة جيدة بدنيا ونفسيا وأن له الكفاءة للقيام بهذا الدور خاصة وأن كل المرشحين لم يسبق لهم أن مارسوا السياسة بمعناها الديموقراطي الحقيقي المنافسة النزيهة التي يتساوى فيها المترشحون لبيان قدراتهم وخاصة نزاهتم في تسيير الوطن عامة وفي هذا الظرف العصيب خاصة.
وعلى كل فإني بصفتي مواطنا أعلن من الآن أني لن أصوت في الرئاسيات إذا لم يتحقق هذان الشرطان وسأعتبر أي رئيس ينجح دون أن يكون قد قدم جوابا شافيا بخصوص هاتين المسألتين فاقدا للمشروعية حتى وإن كان قانونا شرعيا لأنه يكون بذلك مخادعا للشعب وراغبا في الكرسي بل وبادئا العهد الجديد بالكذب على الناخبين لأنه لم يطلعهم على شرطي الأهلية اللذين تقتضيهما المسؤولية السياسية العليا خاصة. وليس أعلى سياسيا من مسؤولية رئاسة الدولة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق