Hot

الأحد، 26 يوليو 2015

تحالف النهضة و التجمع : ينتهي أم يهرب الى الأمام ؟

(تحليل سياسي)
الحبيب بوعجيلة

توافق الحكم الحالي عقيم و غير منتج و عاجز عن اعطاء أفق سياسي للبلاد باعتبار أن أزمته تكوينية في العمق بقطع النظر عن موقفنا الأخلاقي منه .
النهضة كقوة "جديدة" (ليست من النظام القديم) تحدد الهدف من تحالفها مع التجمع الدستوري العائد على أنه تطبيع لعلاقتها مع الدولة و الادارة التي ظلت ترفضها ايديولوجيا لعقود طويلة و تؤصل النهضة للتحالف بمنطق تجارب "الانتقال الديمقراطي" القائمة على التسويات بين القديم و الجديد و تبرره بمعطيات الواقع الاقليمي و الدولي للثورات بعد الانقلاب المصري و بمعطيات الواقع المحلي في ظل ما يجري في ليبيا و طلبات الجارة الكبرى الجزائر .
التجمع الدستوري (النداء بدون يساره النوفمبري ) يحدد هدفه من التحالف مع النهضة بترويضها و مسك الشارع من خلالها و تسويغ عودته و محاصرة القوى الثورية الرافضة لعودته و يبرر ذلك بأن اليسار الذي استعمله لاسقاط الخصوم لا يملك قدرة حمايته وهو في السلطة (التجمعيون يتعاملون دوما مع اليسار كأداة هدم و خصام و يركنونه الى الراحة في عملية البناء و الحفاظ على السلطة) .
أزمة التحالف تتمثل في كون هدفي النهضة و التجمع المذكورين أعلاه ليسا مضموني التحقق لكليهما .
لا يبدو أن النهضة تجني الآن انتظاراتها من التحالف مع التجمع فهو يريد أن يأخذ منها دون أن يدفع لها . انه لا يطبع علاقتها مع الدولة العميقة بل يبقيها خارجها و هو لا يكبح جماح استئصالييه الذين يستمرون في قصقصة أجنحتها و لا يبدي استعدادا لحماية حليفه من شراسة اعلامه و مؤسساته الأمنية و المخابراتية و لا يساعده على تلطيف علاقته مع تمنع ادارته عن القبول بالنهضة صديقة شريكة في تسيير البلاد .
و في السياق نفسه لا يبدو التجمع قادرا على قبض ما انتظره من ثمن لقبوله التحالف مع النهضة التي تبدو غير قادرة الى ما لا نهاية لحماية التجمع من الشارع الرافض له بل ان "النهضة العميقة" تبدو "مستمرة" في كره التجمعيين و يبدو "قياديو التوافق " في النهضة مضروبين في "كاريزميتهم النضالية" لدى قواعد لا يملكون القدرة على نقلهم من مزاج الثورة الى مزاج التوافق أو قطع العلاقة بينهم و بين أصدقائهم في الساحة الثورية رغم جهد صفحات و مدوني الماكينة في زرع الفتنة بين قواعد النهضة و قيادات الخط الراديكالي فيها من ناحية و قوى الثورة من ناحية أخرى (رمزية زيارة قياديين نهضويين للمرزوقي في مقر اقامته في سوسة ) و رغم جهد الماكينة التنظيمية لكسر الجليد بين جمهور النهضة و جمعور التجمع (مأدبة الافطار بين شباب الحزبين لم تمنع من اندلاع معركة بين قواعد الحزبين و انقسام المسيرة في سوسة الى مسيرتين ).
عجلة التجمع في الاستفادة السريعة من تحالفه مع النهضة يدفعه بغباء الى "احراج" حليفه و ضرب مصداقيته أمام نفسه و تاريخه و قواعده مما يفقده القدرة على دفع الثمن الذي ينتظره التجمع منه أي حمايته من شارع مسيس لا يحبه .
يحرص التجمعيين رغم أنف حلفائهم النهضويين على اعتبار "الارهاب" هو التحدي الرئيسي في البلاد و هذا غير صحيح لأن هناك تحديات أخرى أكثر أهمية مثل البطالة و المقدرة الشرائية و المحاسبة و انصاف الشهداء و الجهات المحرومة . هذا الحرص على جدولة الارهاب في رأس الاولويات الذي يخفي به التجمع عجزه عن الاستجابة للتحديات الحقيقية يحرج النهضة فيجعلها "جنديا مغفلا" في معركة مغلوطة و يجعلها "شاهدة زور" على اجراءات ثقافية معادية للهوية و ظالمة للمسلمين التونسيين و على قرارات موجعة ناسفة للمحاسبة و مهملة للفقراء و المهمشين و منتصرة للفاسدين . و هذه الوصعية لن تتحملها القيادات الوسطى و قواعد النهضة طويلا .
يعاني الحليفان من ارتباك أجندة تحالفاتهما الدولية .فالتجمع يخسر باطراد مانحيه الدوليين الذين دعموه على امتداد اربعة سنوات للاجهاض على الثورة و استئصال الاسلاميين كما وعدهم و في نفس السياق يبدو حلفاء النهضة الدوليين (تركيا و قطر اساسا) في خالة ضعف غير قادرين على دعم النهضة بعد خطأ حساباتهم في الساحة العربية . و رغم أن حليفي الحكم يجدان مجتمعين الدعم من الامريكان فان المقابل يبدو قاسيا عليهما غير قادرين على دفعه وهو استقلال القرار الوطني و حرمة أراضي البلاد
ما سبق يجعلنا نستنتج ضعف التحالف الحالي باعتبار أن حساب الحقل لم يوافق حساب البيدر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق