Hot

الجمعة، 22 أبريل 2016

في دلالات القمة الخليجية الأمريكية

أبو يعرب المرزوقي
تونس في 2016.04.21

تمهيد :
كيف يفهم عربي من غير أهل الخليج القمة الخليجية الأمريكية وما صحبها على هامشها من قمة خليجية مغربية مقتصرة على الملكية فيه بوجهي الحدث عربيا ودوليا؟
وما إطار المنظور المشروط في الفهم بمنطق الأحداث وما يحيط بها مما يحدد منزلتنا في الأقليم ومنزلـة الإقليم في سياسة حالية للمعمورة دورنا فيها لا يبعد عن الصفر؟
الحضور الأمريكي
ولأبدأ بالحضور الأمريكي لأسأل: هل هو للتنويم أم لتحديد شروط تحالف جديد بعد دفن القديم بمجرد إعلان الغرب عما كان يخفيه من توظيف لدور إيران في زعزعة الإقليم من داخله وإسرائيل من خارجه؟
هذا السؤال معقد لأنه تضمن عدة ضمائر تحتاج إلى توضيح. فما القصد بالتصريح عما كانت إيران تؤديه خفية وإسرائيل علنا ثم طلب منهما الآن أن تؤدياه علنا إطارا للموقف الدولي من عرب الإقليم وأتراكه؟
وسأكتفي بالكلام على إيران لأنها الآن أشد تحركا في الإقليم من اسرائيل وأعمق زعزعة لاستقراره بسبب فاعليتها من داخل الحضارة الإسلامية وعرب الأقليم.
فللأمر بداية وغاية: البداية مساعدة الغرب في إزاحة الشاه بالخمينية (قدومه من باريس). فذلك رديف مواز لتصدي المجاهدين للسوفيات في افغانستان. والمهمة نجحت في الحالتين.
استعمل العرب في افغانستان واستعمل الإيرانيون في إيران بعد أن تقدمت اليسار فيها وخيف من سقوط الشاه على يد أصدقاء السوفيات.
ولما سقط السوفيات نهائيا حل زمن الغاية: وتلك هي الوظيفة الثانية. فلا بد من تحويل ما استعمل في افغانستان وفي إيران لمنع المنافس المتوقع أعني الإسلام.
من الجدين إلى الحفيدين
والدليل بين: فـمن يتصور المخابرات الغربية كانت غافلة عن التعاون بين القاعدة وإيران لا يمكن أن يكون إلا ساذجا أو متواطئا. والآن دورإيران وداعش واحد.
وكذلك كان دور الخميني والقاعدة واحد : قبل سقوط السوفيات منعهم من الوصول الاستحواذ على افغانستان وإيران (اليسار كان متقدما والشاه لم يعد كافيا).
واليوم دورأحفاد الخميني وأحفاد المجاهدين هو منع الاستئناف الإسلامي الذي بدأ يصبح إمكانه ليس بعيدا رغم تشتت قوى غالبية المسلمين السنية.
وما أظن الإيرانيين في غفلة عن توظيفهم المضطر جزءا من خطة تتجاوز قوتهم. لذلك فهم يسعون للاستفادة منها بتذاكي لاعب الشطرنج المتربص بمفاجئات اللعبة تحينا للفرص.
بذلك أسهموا في سقوط العراق فعلا لا انفعالا كالخليج العربي. وكذلك في سقوط طالبان فوسعوا مسرح المناورة.
وهم يعلمون أن الغرب يعلم نواياهم : الطمع في استعادة الامبراطورية الفارسية. استفادوا منه في العراق وافغانستان واستعدوا لما هو أهم.
فقد أعدوا سابقا راس الجسر في لبنان ثم شرعوا في احتلال سوريا واليمن ويحاولون في غيرهما من أقطار الوطن العربي. 
لكن مطلب استعادة امبراطورية على حساب العرب يشاركهم فيه مناقس أقوى أعني إسرائيل حتى وإن قبلت لعبة العداء الظاهر والتعاون الباطن في الخطة الى حين.
12-وكلتا الامبراطوريتين الصفوية والصهيونية بوصفهما ذراعين غربيتين ولاعبتين ذاتي حساب مستقل تحتاجان إلى أحصنة طروادة: تشويه المقاومة السنية.
كيف نفهم تصرف الغرب ؟
إن ما يخيف الغرب ليس إيران بل مصدر ذكرى مريرة لأهل الإقليم معه. فالعرب والأتراك مثلوا بداية الفتح وغايته في الغرب وكانا معه في حرب سجال من بداية التاريخ الوسط إلى بداية التاريخ الحديث.
وليس الأمر مقصورا على الذكرى المريرة. فمصادفات الجغرافيا أيضا تؤدي دورا وليس مصادفات التاريخ وحدها. فالممرات وجل طاقة العصر الحالي والمقبل توجد في الأقليم.
ولألخص الأمرفي جملة واحدة: لا أحد ينسى صراع روما وقرطاج قديماوصراع الإسلام والمسيحية إلى بداية الحديث. لذلك فاستراتيجيو الغرب يريدون هذه المرة ربح وقاية لا علاجا وذلك بمنع الاستئناف.
والسؤال: هل ما في بال اصحاب القمة الخليجية له علاقة بهذه الإشكالية أم هي عندهم آخر الهموم؟ لاشك أن الكثير يظن الأمر من أوهام من يظن للأمة وجودا وأنها بصدد الاستئناف.
17-فـجل النخب العربية يعتبرونها قد اندثرت ولم يعد لها دور في التاريخ وأن ما قبلها وما بعدها هو ما يلجأون إليه لبناء شرعية دويلاتهم التابعة ومنها ينطلقون
وما أظن المشاركين في القمة يخالفون تصور اصحاب هذه العقيدة الداعين إلى قلب صفحة الأمة والتشبث بالدول القطرية التوابع بالجوهر: فحضور أمريكا يطمئنهم على بقاء عروشهم التوابع.
لكنـي أظن حضور أمريكا لينومهم وليس ليطمئنهم. فالغرب بخلاف النخب العربية يعلم أن الدول القطرية إلى زوال سواء بالفوضى إن واصلوا تجاهل الحل أو بالاستئناف الحق الذي هو آت لا ريب فيه.
فبخلاف النخب العربية الغرب لا ينتظر المفاجئ بل يستعد له. وهو يتوقع شيئا هو الذي لم تخفه ممثلة الوحدة الأوروبية لتبرير موقفها ودعوتها لضرورة إنجاح انقلاب السيسي: إذا نجحت الثورة في مصر تم الاستئناف.
ضد من تعقد القمة 
وبهذا المعنى فقمة الخليج ليست ضد إيران ولا ضد إسرائيل ولا خاصة ضد التبعية والاستضعاف بل هي لمواصلة وهم المحميات وهي من ثم ضد الثورة والاستئناف ودور الأمة.
فمجرد الاقتصار على الملكي من الأنظمة بضم المغرب والأردن له دلالة واضحة. فالثورة أتت على أهم الجمهوريات العربية ولم يبق إلا السانت أليانس بين الملكيات.
لم يتعلم العرب الدرس: كذلك حدث في الغرب وكذلك حدث عندنا بعد سقوط فلسطين. توالت الانقلابات وسقطت غالب العروش.
فهدف القمة تصد عرضي للعدوان الخارجي بالأقوال وتصد بنيوي للثورة بالأفعال انطلاقا من وهمين: استئناف الاعتماد على الحماية الأمريكية ووهم حماية الثورة المضادة من المصير المحتوم.
هدف أمريكا من الإيهام بالمساندة للخليج
وطبعا فأمريكا تنضم إليهم في الهدف البنيوي لأنها مثلهم تخشى نجاح الثورة. منع نجاحها هو الهدف المشترك. لكنها لاتعتمد عليهم في ذلك لأنها تشك في قدرتهم. اعتمادها على إيران وداعش وإسرائيل أكثر منه عليهم.
لماذا؟ لأن أمريكا على بينة من حقيقة المناخ الروحي للحظة لدى شعوب الإقليم على الأقل العربي والتركي: فشعوب السانت أليانس نفسها ميالة لأفكار الثورة ومن ثم فالثورة المضادة عديمة القوة
وذلك لسبب بسيط: لو بنت أنظمة الخليج جيوشا قوية فإنها ستنتحر بما تحاول به مقاومة الثورة. فالجيوش ستنقلب عليهم مستغلة شعارات الثورة لعلمها براي الشعب.
وقد سبق أن جربت انظمة المشرق الملكية بعد سقوط فلسطين. فالانقلابات العسكرية بمساعدة مخابرات الغرب استغلت الغضب الشعبي فعوضتها بحكام بشعارات جديدة استغلتهم أكثر من نصف قرن.
ولما لم تجد في الثورة من تعتمد عليه عادت إلى عملائها القدامى فنظمت انقلاب مصر وفرضت ما تعاني منه الثورة في الشام من مرواحة بمنع الثوار من الحسم بحظر التسلح.
ما الذي ينتظر الإقليم؟
لذلك نصحت للأنظمة العربية ألا يسلكوا ما تم تجريبه سابقا وتبينت نتائجه. فإن لم يقوموا بالإصلاحات التي تمدهم بشرعية شعبية في اقطارهم وبشرعية عربية سنية في الإقليم فالمآل بين لاشك فيه.
هل سيكون ذلك قريبا أو بعيدا؟الله أعلم وقد يطول الأمر لـكني واثق شديد الوثوق بأنه إذا لم يقع تدارك الأمر الآن فإن إيران وإسرائيل سيتقاسمان دور شرطي الإقليم بمظلة أمريكا وستدوم المقاومة ويتزايد زخمها حتى تنتصر الثورة.
وتركيا ستبتعد عن العرب وتعود إلى وجهتها الأوروبية الإسرائيلية علها تتجنب مصير دويلات العرب المتناحرة والتي تتبادل الكيد والغدر كما كانوا في جاهليتهم.
ولست أظلم أحدا بما أقول والله يعلم أن الألم يقطع فؤادي. فدليلي بين: أليسوا كلهم أو جلهم على الأقل يستوسطون إسرائيل وحتى إيران لترضى عنهم أمريكا ؟
وما كان ذلك ليكون كذلك لو لم ينسوا من ينبغي التعلق بحبله : الله وشعوبهم. فلوتم التعلق بما ينبغي أن يتعلق به لكانوا فعلا مع تركيا قطب الإقليم ولما تجرأ أحد أن يقف أمام الاستئناف.
بل وأكثر من ذلك لكانوا من أقطاب العالم بسبب العامل الجغرافي والثروة والعامل التاريخي والتراث وما في ذلك من التأسيس للوزن المادي والقيمة الروحية للأمة إذا وفوا بعهدها.
مقومات الوزن في التاريخ
35-أما خرافات أن أوباما قد وقع إذلاله وتجاهله فهذا من سوء تقدير مروجيه. فاي دولة أوروبية صغيرة تزن أكثر من المجتمعين في القمة لأن قلوبهم شتى. فلا نخدع أنفسنا رجاء.
فالوزن لا يستمد من الجمع الظاهر بل من الوحدة الجامعة في الباطن. فإذا كانت الوحدة لاحمة بحق أسست شروط القوة المادية والمعنوية فأنتجت الوزن وإلا فالمجتمعون يكون وزنهم أخف من الريشة.
وترمب رغم غبائه يقول الحقيقة التي لا تصدر إلى على لسان الأطفال: وضعنا يفهمه حتى الأطفال. لم تقدم نخبنا بأصنافها الخمسة على شروط الوزن.
ما زلنا لا نفهم حتى معنى القوة المادية التي صرنا نتصورها مالا سائلا يختزن أو خدمات من دون ما لاجله تستخدم فنظها ثروة قائمة بذاتها لا بغيرها.
لن يتسوح أحد في جهنم عندما يزول ما يجعلها جنة اصطناعية. ولن يحمى أحد غيره إذا لم يكن ما يحميه لديه هو ما يدعوه للقيام بهذا الدور ويتفضل عليه به رغم أنه يستخدمه.
في الحقيقة أمريكا تعتبر من يظنونها حامية لهم مجرد عسس على ما تنوي حمايته لأنه أداتها في السلطان على المعمورة التي تمر بها للحصول عليه منها لا من أصحابه شرطا في نشاطها.
أما حماية ذاتك وثروتك فهي شرط سيادتك ولا يمكن للسيادة أن توجد من دون الحماية الذاتية. فإذا أنت تصورت غيرك مجرد مرتزق عندك فأنت مخطئ. فالمرتزق إذ يتقوى يستعبدك: بذلك أفلت إمبراطورية العرب الأولى.
فدار الإسلام تفتت وضاع حكم العرب فيها بسبب الاعتماد على المرتزقة ناهيك عندما يصبح الاعتماد على حماية دول هي التي تولي وتعزل في العالم كله.
هل يمكن التدارك؟
وطبعا يمكن التخلص من هذا الوضع والتدارك. فمعاوية لما بدأ تأسيس إمبراطورية الإسلام الأولى ظل مهادنا لبيزنطة. وأعد العدة ليعكس العلاقة. وعبد الملك قلب العلاقة فعرب العملة والإدارة ولم يعد يدفع لبيزنطا بل صار يقبض منها. وبدأ السعي الذي انتهى بما يراد استرداده الآن غربيا.
وما كان ذلك ليكون كذلك لو لم يكن الاستعداد لقلب ميزان القوى مشروعا ذا استراتيجية تطلب تحقيقه قرنا إلا ثلث في نهاية المائة الأولى من دولة الإسلام
ودولنا العربية عمرها ما يقرب من نفس المدة. لكنها جميعا ازدادت تبعية ولم تصبح قادرة لا على حماية ذاتها ولا على رعايتها بل هي رهن نزوة غربية.
الاختراق الغربي للمناعة
فما الذي يمكن التدخل الأجنبي من اختراق دولنا فيكون هو المحدد لمن يرضى عنه من نخبة الإرادة فيولي ويعزل وإن بصورة خفية لا ينكرها إلا معاند؟
وما الذي يمكن التدخل الأجني من اختراق نخبة العلم عندنا فيحدد معاييرها المعرفية بغير معاييرها عنده بل بمعايير الولاء له والحرب على الذات؟
وما الذي يمكن التدخل الأجنبي من اختراق نخبة القدرة عندنا فيختار منها من يتعامل معه بمعايير التبعية وليس بمعايير الفاعلية الاقتصادية ؟
وما الذي يمكن التدخل الأجنبي من اختراق نخبة الحياة فيختار منها من ينتج ما يرضي ذائقته الفنية لا ذائقة شعوبهم التي تعبر عن أرواحهم ووجدانهم؟
وأخيرا لماذا أصبح الفكران الفلسفي والديني-إن سلمنا بوجودهما عندنا حاليا- فتاوى وظيفتها تطويع كل تراثنا حتى يرضى عنه الاستعمار؟
إذا لم نجب عن هذه الأسئلة التي هي وضع السبابة على مدلول الاستعمار غير المباشر والغزو البنيوي لكياننا التاريخي فلسنا جديين في طلب العلاج.
ولأننا لسنا جديين في طلب العلاج لن نفهم لاظاهرة داعش ولا ما تنسبه أقلام الحرب النفسيةلإيران وإسرائيل ومليشياتهما من قوة نحتمي منها باصلها.
طبيعة التشخيص
ولأن ما أصفه بصدق هو حسب رايي عين الحقيقة فإن ذلك يمكن أن يستثير الكثير من الحساسيات. فالشعوب النائمة تكره خطاب الإيقاظ لأنه مزعج.
وكما قال نيتشة فيUnzeitgemässe Betrachtungen فمعاني التاريخ هي المتحفي والمعلمي والنقدي. وقد اخترت الأخير لأنه شرط كل بناء دون نفي قيمة الأولين عندما تسترد شروط السلامة والمناعة.
فلو كان الأمر مقصورا على السياسي وحده لما اقدمت على الانشغال به. فشموله لاصناف النخب الخمسة هو الذي يخفني حقا: لذلك فهو دليل الهزيمة الروحية.
والهزيمة الروحية هي عين ملتقى فلسفة الدين وفلسفة التاريخ. إنه بؤرة يلتقي فيها فشل استعمار الإنسان العربي المسلم في الارض بفشل استخلافه فيها مع عدم الوعي بعلل الفشل.
وعن هذا اللقاء نتج انفجار شبيه برفض البدن للغزو الخارجي حتى لو كان علاجيا كما في تركيب الأعضاء بالجراحة. وهي حضاريا صدام حضارات داخلي.
وصدام الحضارات الداخلي ليس مطلق الطابع الداخلي كصراع الأجيال. إنه يغتذي من صدام حضارات خارجي: الفيروس حل فينا وهو يستقوي بمصدره ضد مقاومة مناعتنا الذاتية.
ولما كان الأمر متعلقا بحرب حضارية عمادها صراع قيم فإن العلاج لا يكون سياسيا فحسب إذ لعل السياسيين هم الحلقة الأضعف في هذا الصراع الوجودي.
61-وهم الأضعف لعلتين: فما بينهم من تنافس يجعل العدو حكما بينهم فيكون هو الحاسم بتدخله العلني والخفي وثانيا لأن الاستبداد والفساد يعطيهم وهم القوة فيغفلون عن الداء ويوغلون في دماء الشعوب.
ذلك أنهم بقدر ما هم الأضعف بالقياس إلى الأعداء والأكثر هشاشة فهم الأقدر على استعباد الشعوب وإفساد بقية النخب بما لديهم من قدرات الوعد والوعيد بسلطانهم على الأرزاق فيفسد الجميع أو يكاد.
لذلك فلا يمكن إصلاح الفساد الجذري إلا بالثورة الجذرية. لكن الثورة الجذرية من دون استراتيجية وقيادة حكيمة تصبح هي بدورها أستبدادا وفسادا إذ إن الأعداء يخترقونها كما يخترقون الأنظمة.
دلالة نموذج العصر الراشدي
ونحن عندما نمدح عصر الراشدين نعني ذلك دون وعي. فمدحه دليل تميزه وقصره وطابعه الاستثنائي لأن العرب عادوا بعده إلى جاهليتهم أو قلدوا غيرهم ممن جاء الإسلام ليحررهم معهم.
ولا زلت مؤمنا بأن الأربعة عشر قرنا لم تكن كافية لنكتشف طبيعة الحروز التي وضعها الإسلام لتجنب هذا النكوص المزدوج في تاريخنا وثمرته الحالية.
وذلك كما حصل في اكتشاف ثروة دار الإسلام: الاستعمار هو الذي بتقدمه جعلها تصبح ثروة كان أهلها ذاهلين عنها لعدم تقدمهم العلمي.
وهم الآن ذاهلون عن ثورة مرجعية الإسلام لعدم تقدمهم الخلقي الذي هو عين احترام كرامة الإنسان وحقوقه سر قوة الدول وشرط مناعتها وسيادتها التي هي الحماية والرعاية الذاتية. 
في شروط النصر في الحرب
لما كانت الحرب عامة والحرب الحديثة خاصة ليست مسألة صدام بين جيشين بل هي صدام بين جماعتين توفرت فيها شروط الحماية والرعاية الذاتيتين بفعلها الشامل علما وعملا بات الأمر بينا.
فالجيوش ليست إلا راس الحربة في الحروب. لكن الحربة الكاملة هي متانة النظام وعمل النخب الخمس أي نخبة الإرادة والمعرفة والقدرة والحياة والوجود في سمفونية متناغمة هي ابداع شروط القوة المادية والرمزية.
فالحرب إرادة دولة حرة. وهي علم جامعة مبدعة. وهي انتاج اقتصاد منافس. هي إبداع معبر عن حياة امة أبية. وهي رؤى وجود واثقة ومعتمدة على ذاتها وشعبها المزدهر.
وذلك لا يكون من دون العمل بالاية 60 من الأنفال في هذه المستويات الخمسة لانها هي المقصود بالقوة وما رباط الخيل إلى رمز الجيش راس الحربة.
ولما كانت شروط هذه القوة المخمسة بمنطق العصر فينبغي أن تكون بعجم معين غير حاصل في أي دولة عربية بمفردها بات على العرب أن يحاكوا أوروبا التي فهمت شرط عودتها للتاريخ العالمي بعد خسران الحرب الثانية.
فمن دون ذلكيكون الكلام على الحلف مع امريكا مجرد مزحة. فأمريكا ليست حليفا للخليج بل هي حامية لدويلاته. والحامي لا يعد حليفا. الحلف يقتضي ندية التحامي المتبادل.
وماظل العرب لا يثقون في شعوبهم أولا وفي بعضهم البعض ثانيا فلن يحالفهم أحد يحترمهم بل من يحالفهم يشعر بأنه يحميهم فلا يحترمهم بل يمتص دمهم ويغض الطرف عن تخلفهم بل يستفيد منه.
ومن هو مثل مصر أو تونس فقير الدم فإن حماته يكونون بحاجة لأرضه من أجل التموقع استعدادا لاستتباع باقي العرب من حولهم وحماية حليفته إسرائيل
أكاد استحي من تكرار هذه البديهيات التي من يتجاهلها لايمكن إلا أن يكون غي رأهل لأن يكون حرا فضلا عن أن يحكم أحرارا ويحمي أوطانا فينال احتراما.
لكن الإهانة تشملنا جميعا: كيف يمكن لإيران وهي أفقر من أي دولة من دول العرب الكبيرة أن تسيطر في غفلة منهم ليس على محيطهم فحسب بل وعلى دواخلهم؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق